مهرجان الإسكندرية بين التقويم والتقويض!!

الفارق كبير ما بين الهدم والتقويم، والاختلاف شاسع بين النقد من أجل التصحيح والإصلاح، وبين الانتقاد بهدف التقويض والتدمير، والبحث عن ذرائع للقضاء على مهرجان عمره 37 عاماً والمطالبة بإيقافه، وحرمان عاصمة مصر الثانية من التواصل والتلاقي مع مبدعين قادمين عبر الشاطئ الآخر، برفقة أفلامهم ورؤاهم السينمائية، وحرمان السينمائيين من مهرجان دولي ظل ملتقي يحتضن قضايا ومشاكل صناعة السينما، وساحة يتحاور فيها صناع الأفلام والمبدعون والنقاد، ويتبادلون الخبرات والأفكار والرؤى.
الغريب أنني منذ بدأت علاقتي بمهرجان الإسكندرية قبل ثلاثة عقود، وعلى مدى دوراته السابقة التي يتغنى الكثيرون بنجاحاتها اليوم، لم تخلُ دورة واحدة من سيل الانتقادات وطوفان الهجوم، أعلم أن ثمة مشاكل ومعوقات كبيرة تواجه مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، ونحلم جميعاً بأن تعبر إدارة المهرجان تلك المعوقات، وتتغلب على هذه المشاكل، لكن من الظلم وعدم الإنصاف أن نوجه سهام الهجاء والقدح والتوبيخ للمهرجان، دون النظر لضعف الإمكانيات المالية لمهرجان تقيمه جمعية نقاد وكتاب السينما، بميزانيات محدودة وإمكانيات ضعيفة، ومساعدات مشروطة، وليس مهرجان رجال أعمال ومستثمرين كبار بميزانيات ضخمة، وإمكانيات غير محدودة، ودون الأخذ في الاعتبار الظروف التي فرضتها جائحة كوفيد 19، وما تسببت فيه الجائحة من إلغاء للعديد من الأنشطة الثقافية والفنية في العالم، وما فرضته على المهرجانات من ضوابط وشروط، وأماكن غير ملائمة لإقامة حفل افتتاح حدث سينمائي كبير.
وبعيداً عن تلك الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم، أود التوقف هنا أمام تصرف غير مسئول، وموقف غاية في الاستهتار من الممثلة الشابة "نسرين أمين"، والتي عهدت إليها إدارة المهرجان بتقديم حفل الافتتاح، لكنها ظلت بالفندق لأكثر من ساعة بعد الموعد، ولا أعلم ماذا كان يمكن أن يحدث، لولا صعود الإعلامية رشا سليمان - زوجة المخرج المبدع هاني لاشين- إلى خشبة المسرح، لإنقاذ الموقف وتقديم الحفل، بعد وصول د.إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة، واللواء محمد الشريف محافظ الإسكندرية، هل فكرت نسرين أمين في المهزلة التي يمكن أن تحدث بسبب تأخرها ساعة ونصف الساعة عن موعد الحفل؟!!
وهذا يدعوني أيضاً لتوجيه تساؤل للسيد محافظ الإسكندرية، الذي تفضل مشكوراً باستضافة المهرجان على أرض مدينة الإسكندرية: هل يقبل أن تحجز العلاقات العامة، الصفوف الأولى للمحافظة وضيوفها، ويحرم كبار الفنانين والسينمائيين والمكرمون وضيوف المهرجان الأجانب من تلك الأماكن، لمجرد أن المسئولين عن التنظيم والاستقبال لديهم تعليمات بحجز الصفوف الأولى لكبار موظفي المحافظة؟! إن تقديم الدعم للمهرجانات لا يجب أن يكون مشرطاً، أو يعطي لأي جهة حق التدخل في التنظيم أو الاستيلاء على الدعوات للمجاملات!!
"عن أخبار اليوم"

التعليقات