المرأة جونة وفتوى

يظل جسد المرأة قضية شائكة فى المجتمعات الشرقية والثقافات التى تتمسك بالموروث الثقافى القديم لحضارات بعضها قديم وزائل وأخرى تتخذ من الدين ستارًا تتخفى خلفه وتستغله فى تأويلات فرضية تبرر وتفسر ما تراه يوافق الهوى والنفس وذلك العقل الجمعى الذى نشأ وتربى على العنعنة وعلى أساطير الأولين، وعلى هذا ما وجدنا عليه آباءنا وعلى الجانب الآخر نجد أن معظم الحركات التحررية التى نشأت فى الغرب كان هدفها الأول كسر التابوهات ومنها تابوه المقدس الدينى ومحاولة محاربته بالتطرف فى الحريات كالعرى والعلاقات الحرة دون زواج أو قيد أو الانغماس فى الملذات والفوضوية الأخلاقية كما حدث فى الستينات فى أوروبا وأمريكا ويظل الصراع قائمًا بين الرجعية والكلاسيكية المتشددة وبين الحرية المتمردة الفوضوية التى ترفض كل العادات والتقاليد والموروث والمقدس فيدخل الإنسان فى دائرة الشد والجذب ما بين ظلام دامس متطرف دينى وبين ظلام آخر متحرر فوضوى وهنا تكون المرأة هى الضحية وهى الهدف وللأسف هى الغاية وهى المحرك وما حدث فى مهرجان الجونة الذى من المفترض أن يكون حدثًا فنيًا ثقافيًا سينمائيًا لتحريك المياه الراكدة فى هذه الصناعة القومية المهمة والهادفة، والتى هى جزء من القوى الداعمة لمصر ولأمنها ولاستقرارها الداخلى والبعد الخارجى المؤثر على المجتمعات الإقليمية وعلى الصورة الذهنية التى نريد تصديرها للآخر غربًا وشرقًا والتى هى أكبر دليل على الجمهورية الجديدة.. جمهورية الاستقرار والإصلاح والتطوير والتجديد.. جمهورية الإنسان المصرى الواعى المثقف المتعدد الجوانب وما من أداة أو وسيلة لهذا إلا من خلال الفن والكتاب والثقافة والإبداع الذى يعكسه الإعلام وكأن من الأحرى بالمهرجان أن يعلن عن الأفلام المشاركة من الدول المتعددة والثقافات المتنوعة، وأن يكون التسويق والإعلان للحدث عبر المكانة المتميزة لهذا الحدث فنيًا وثقافيًا وكيف أنه متاح للجمهور المشاهدة ومتابعة الأفلام المتميزة، وكأن من الممكن أن يكون المهرجان مثل «كان» الفرنسى، وأن يصبح دوليًا ببعض الخبراء المتخصصين الكبار والذين يعرفون ويتواصلون مع نظرتهم فى الخارج، وأن يكون هذا المهرجان ذات طبيعة ثقافية وبيئية متميزة والترويج السياحى يأتى نتاجًا لهذا الزخم الفنى والحضور السينمائى، وقد تكون سينما الشباب أو السينما الحرة أو السينما الحديثة أحد أهم مكوناته حتى يتبلور فى شكل وصورة ونسق متميز عالمى دولى ولكن بكل أسف تحول إلى سوق للعرى غير المبرر والعرى الفج والموضة الصادمة شكلًا وموضوعًا وكل ممثلة خبا نجمعها أو أخرى تبدأ مشوار الإنتاج والانتشار تعلن عن مفاتن أو مساحات أو أماكن من الجسد، وكلما زادت مساحة المكشوف والمتعرى والفاضح والصادم كما فى أسواق الجوارى والعبيد التى يتعرون فى أسواق النخاسة ليرتفع الثمن للمشترى كانت أعداد المتابعين على وسائل التواصل عل وعسى يفرح المنتج ويدفع نظير هذا اللحم الرخيص ولا يهم المعنى أو المضمون حتى الرجال من الممثلين وتشبهوا بالنساء وارتدوا بدلًا على أجساد عارية، وكما لو كانت دعوات للمثلية والإباحية بلا أى جمال أو رقى أو فن أو إبداع... لم نعرف أسماء العروض والنجوم من الخارج ولا لجان التحكيم وكلها مجاملات وصداقات قد تكون جميلة فى معناها ولا نرفضها أو نقلل منها ولكن ما علاقتها بالفن والسينما والإبداع.. المهندسان «نجيب» و«سميح ساويرس» أسطورتان اقتصاديتان ولهما كل الاحترام ولكن نقدهما لا يعنى أننا نعيش فى عصور الظلام، بالعكس نحن نحترم المرأة والفن ونعلى من شأنها ونرفض هذا التدنى والرخص بكل ما أوتينا من فكر وعلم وثقافة، كما نرفض أيضًا ما صرح به السيد أمين الإفتاء دكتور «مجدى عاشور» فى حديث أول أمس مع عمرو أديب عن المدة التى تتحملها المرأة دون إشباع جنسى وعلاقة بالزوج وهل هى أربعة أشهر أم أقل؟؟ وأن عليه وعلى زملائه تجديد الخطاب الدينى فى هذه المعضلة الكبرى ومحاولة تقريبها إلى العصر الحديث وتفسيرها بأن للمرأة هى الأخرى رغبات وإشباعات مثل الرجل، وأن على أهل الفتوى والفقه مجاراة العصر والتقدم وبناء الوعى!! هكذا نتعامل مع المرأة ونتحدث عن عريها أو عن رغباتها وإشباعها.. حقًا وعى وبناء وتطور وتجديد وظلام دامس على كافة الأوجه.. لكن المرأة هى القادرة على فك هذه الإشكالية بمساعدة قريناتها من المستنيرات وبعدد قليل من أصحاب الرؤى الجادة والحقيقية من أصحاب الرأى الرجال المحترمين.

"عن الوفد"

التعليقات