حارسات الفضيلة

عندما انتهت حكاية (حبيبة)، فتاة جامعة طنطا، بالتصالح والتراضى، ومسح الرؤوس وتقبيل الوجنات لم أستبشر خيرا، شعرت أن فيه حاجة غلط. تعدٍ باللفظ إلى حد الإهانة لم ينته بالمساءلة بل بالترضية، تدّخل فى شؤون الغير، ومحاولة فرض الوصاية بالقوة، وتساؤل عن الديانة وعلاقتها بالفستان، كل ذلك أعقبه تنازل بالإجبار واستضعاف لشابة صغيرة لم تر أمامها إلا الخضوع ولأسرتها التى آثرت السلامة عندما لم ينصفها من بيدهم أمر الجامعة.

أسدل الستار على حكاية (حبيبة) لتبدأ حكاية (إيزيس)، طبيبة الأرياف الشابة واعتداء من نوع جديد، جذب وسحل وإهانة وإصابات، تطور الأداء هذه المرة لم يكتف حراس الفضيلة بالتوبيخ، ولكن امتدت الأيادى لتحدث جروحا وكدمات على وجه وجسد الفتاة التى رفضت أن ترتدى ما ترتديه الأخريات، واختارت لنفسها زيا محتشما يليق بمكان العمل، ورفضت أن يكون الحجاب والنقاب هو زيها المختار. لكن حارسات الفضيلة لم يعترفن بحرية الاختيار، وبخطأ التدخل فى شؤون الغير حتى ولو وصل الأمر إلى الاعتداء البدنى والقهر النفسى الذى لا يزول ولو بعد سنين.

لو كانت (حبيبة) قد أُنصفت لما حدثت واقعة (إيزيس)، من أَمِنَ العقاب أساء التصرف وتدخل فى شؤون الآخرين، ونصّب نفسه أو نفسها حاميا للفضيلة، حدد الجرم وأوقع العقوبة وكأننا لسنا فى دولة يحكمها القانون ويقوم على أمرها رعاة للأمن والأمان، تأتى النار من مستصغر الشرر، وجاءت هذه المرة من طنطا ومنها إلى الزقازيق، ولا نعلم إلى أين ستتجه.

حكايات (حبيبة) و(إيزيس) يعقبها إحساس بالقهر من جانب الضحية، وشعور بالتفوق والهروب من المساءلة من جانب حماة وحاميات الفضيلة. أمر جلل وخطير لابد من مواجهته بسرعة وبكل الحسم، حتى لا يصبح سلوكا معتادا يسهل تجاوزه والتغاضى عن آثاره، الصمت أو المسح على الرؤوس لا يكفيان.

"عن المصري اليوم"

التعليقات