مشاهير التفاهة! (2)

في زمن أضحت التفاهة والرداءة أقصر الطرق لتحقيق الشهرة والنجاح والمال، ليس مستغربا أن نرى إعلام التفاهة الذي يتصدر المشهد، يستضيف شاب جل انجازاته في الحياة، نشر فيديو لنفسه علي مواقع التواصل الاجتماعي، يسير فيه هائما علي وجهه في الشوارع، بحثا عن "بطة" اسمها شيماء!! أو نجد شابا جاهلا عديم الموهبة، أصبح مشهورا في غفلة من الزمن، وله معجبين بالملايين، يطنطن بكلام فارغ "شقلطوني في بحر بيرة" فيمنحه بلد عربي كبير الهدايا الذهبية!!
وفي كتابه الشيق" نظام التفاهة" يرى المؤلف الكندي "آلان دونو" أن مواقع التواصل الاجتماعي نجحت في "ترميز التافهين"، أي تحويلهم إلي رموز، وما جعل كثير من تافهي مشاهير السوشيال ميديا، و"الفاشينستات" وغيرهم، يظهرون أمام الجميع بمظهر "النجاح" هو أمر يرجع في الواقع إلي المجتمع نفسه، حيث دأب علي التقليص التدريجي لصور النجاح التي عرفتها البشرية منذ القدم، واختزلها جميعا في معيار واحد وهو المال، وتراجعت معايير وصور النجاح الأخرى، لذا لا يمكن لأحد إنكار أن مشاهير ورموز التفاهة علي السوشيال ميديا، قد حققوا النجاح بالفعل وفقا لمعيار المال، المعيار الوحيد الذي وضعته المجتمعات للنجاح نصب أعين الشباب!!
وجولة علي حسابات المشاهير الجدد في مواقع التواصل الاجتماعي، كفيلة بأن ندرك أنهم جميعا يتشاركون في صناعة التفاهة، ويجدون من يصفق لهم بحرارة، وحين يزداد متابعي تلك الشخصيات التافهة، تنهال عليهم عروض الاستضافة في وسائل الاعلام والمهرجانات، التى تُحوّلهم إلي شخصيات مهمة، وقدوة في عيون الصغار، وتتسع حلقة التفاهة، بعد أن صار بإمكان أي جميلة بلهاء، أو وسيم فارغ فرض أنفسهم علي المشاهدين، من خلال عدة منصات لا تخرج بأي منتج قيمي صالح لتحدي الزمن، وأصبح لاعبو الكرة يكتشفون في أنفسهم فجأة، مهارة تقديم البرامج، أما الضيوف فلا يهم إذا كانوا شخصيات لديها الكفاءة والانجاز والضمير أم مجرد أصفار متحركة!! .. وللحديث بقية

"عن أخبار اليوم"

التعليقات