من هو سعد الدين وهبه؟!

أعلم جيداً المحاولات العديدة مع الفنان حسين فهمي، لإقناعه بتولي رئاسة مهرجان القاهرة السينمائي، لذا سعدتُ كثيراً بقبوله أخيراً تلك المهمة الصعبة، التي سبق وأنجزها بنجاح كبير علي مدى 4 دورات، حقق خلالها قفزة نوعية كبيرة للمهرجان شكلاً ومضموناً، ومنحه قوة دفع عملاقة استثمرها كل من جاء بعده، لكنه فقد تلك القوة دورة بعد الأخرى.
وأذكر أنني كنتُ مشاركة وشاهدة على اختيار حسين فهمي لهذا المنصب قبل سنوات، فلم يكن الفنان فاروق حسني- وزير الثقافة آنذاك- متأكداً من قبوله لهذا المنصب، خاصة بعد هجوم النجم الكبير على سياسات الوزارة قبلها بأيام، خلال ندوة عقدها الوزير مع السينمائيين بمهرجان الإسكندرية السينمائي.
ولأنني أعي جيداً عقلية ذلك الفنان المثقف المستنير الذي يدرك أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، اقترحتُ على الوزير تولي مهمة عرض الأمر عليه، وكما توقعتُ رحَّب دون أي تردد، وأثمر التعاون بينهما نجاحاً غير مسبوق، وازدادت قيمة وأهمية المهرجان، الذي اجتذب كبار نجوم السينما العالمية، ولولا الميزانية الهزيلة التي لا تليق بصورة مهرجان يحمل اسم مصر، ما كان ترك موقعه وهو في قمة ذلك النجاح.
ولأنني أمضيتُ سنوات طويلة في عضوية اللجنة الاستشارية العليا، التي كانت مزيجاً من أصحاب الخبرات الطويلة، وأصحاب الرؤى الشابة، لمستُ كيف أضاف النجم الكبير رؤيته الجديدة، مع المحافظة على إنجازات الكاتب الراحل سعد الدين وهبه، الذي سبقه في رئاسة المهرجان على مدى12عاماً، كانت أزهى سنواته، ووضعته بين أفضل 10 مهرجانات سينمائية في العالم، رغم أن البحث عن الأفلام، والحصول على نسخ للعرض في ذلك الوقت، كانت مهمة شاقة، وليست بالسهولة الحالية.
وكيف استبقى على الكيان الإداري والفني الذي ساهم في تلك النجاحات، لكنه أبداً لم يكن يوماً رئيساً شرفياً، ومع احترامي للناقد يوسف شريف رزق الله، غير أنه لم يكن وحده دينامو المهرجان، إنما كان هناك فريق متكامل من النقاد والإداريين، كل له دوره المهم الذي لا يمكن إنكاره وتجاهله أو اختزاله في شخص واحد، مهما كانت قيمة ومكانة هذا الشخص.
لذا تعجبتُ حينما سمعتُ مخرجة شابة تعترض على اختيار حسين فهمي، وتدَّعي أنها تتحدث من منطلق علاقتها التاريخية بالمهرجان!! وهى التي سألت يوماً الذين بنوا المهرجان على أكتافهم: من هو سعد الدين وهبه؟! ولِمَ لا.. ألمْ يُسقطه محمد حفظي من قائمة رؤساء المهرجان السابقين حين وجه لهم الشكر؟!
" عن أخبار اليوم"

التعليقات