فاتن أمل حربي

أتابع باهتمام بالغ تلك المأساة المؤلمة، والواقع المرير الذي
تعيشه آلاف السيدات في المجتمع، باختلاف ظروفهن الاقتصادية، ومستوياتهن الاجتماعية والثقافية. وأرصد يومياً تلك المعارك المضنية، والصراعات المنهكة التي تخوضها النساء داخل أقسام الشرطة، وما تتكبده من مهانة و"بهدلة" في النيابات وقاعات المحاكم، في ظل مجتمع ينظر للمرأة باعتبارها كائناً فاقد الأهلية والصلاحية، ويحرمها من أقل حقوقها في الاحتماء داخل أربعة جدران!
وأحيّي صُناع مسلسل "فاتن أمل حربي" لنجاحهم في تجسيد صورة حقيقية صادقة، لمشاعر الذل والامتهان، التي يتفنن  أشباه الرجال في استنزافها، والاستهزاء بإنسانية وكرامة المرأة، بكل الأساليب القانونية والمستباحة، والطرق غير المشروعة، وقدرتهم على رسم ملامح واضحة، لأولئك الرجال الذين أعمت الخصومة والعناد قلوبهم وضمائرهم، حتى أنهم تمادوا في الانتقام من أطفال كل ذنبهم أنهم يحملون أسماءهم في شهادة الميلاد، وجل ذنبهم أن هؤلاء الرجال مصدر وجودهم في الحياة!
وإذا كانت "تونة" الشخصية التي تؤديها بصدق مدهش، الفنانة المبدعة "نيللي كريم" عبرت عن تبعات ما تعانيه المطلقات من الطبقة البسيطة، إلا أن تلك المأساة ليست مقصورة على هذه الفئة، وإنما تمتد بقسوة أكبر، كلما ارتقت الطبقة التي ينتمي إليها الزوجان، وقد عايشتُ عن قرب ذلك الواقع المرير الذي عانت منه زوجة تنتمي لعائلة مرموقة، وتربطني بأسرتها صداقة، وتابعت تفاصيل حياتها منذ كانت فتاة جميلة، تمناها كثيرون، ولكنها تزوجت من شاب تمتلك عائلته ثروة، مكنتها من شراء النفوذ، لكن سعادتها  لم تدم سوى فترة قصيرة، أنجبت خلالها طفلها الوحيد، وبعدها بشهور.. دبت الخلافات والمشاكل، ووصلت إلى حد الضرب والإهانة، ما جعل والدها يأخذها وابنها -في قلب الليل- من مسكن الزوجية، والنتيجة أن الزوج سرق جهازها، وملابسها، ومجوهراتها وسيارتها، وتلاعب في ملكية مسكن الزوجية، ولم يتوقف التنكيل بها عند هذا الحد، إنما امتنع عن نفقات ابنه ومصروفات المدرسة! وظلت الزوجة 10سنوات تتخبط داخل أروقة المحاكم دون طائل، وللإمعان في هزيمتها وكسرها لفق لها محضرًا، بموجبه ذهبت الشرطة للقبض علي "مطلقته" وأم ابنه، من منزل أسرتها وقت أذان مغرب أول أيام رمضان!
كل التحية للمنتج جمال العدل، لتصديه لعمل درامي شجاع، يكشف عن جريمة كاملة الأركان، ترتكب في حق المرأة، في ظل قانون جائر، يستبيح إنسانيتها، وعدالة متباطئة تنتهك كرامتها!
آمال عثمان

التعليقات