كيرة والجن

فيلم «كيرة والجن» لأحمد مراد ومروان حامد يمزج بين التاريخ والأكشن والبلاى ستيشن فى عرض سينمائى تغلب عليه الدموية والحركة والتصوير فى ذات الأماكن وذات الشارع والديكور مع اختلاف الممثلين والمواقف والحوادث هذا الفيلم الذى حقق إيرادات كبيرة فى العيد وأعطى الأمل لصناع السينما فى إمكانية عودة الاستثمار فى هذه الصناعة.

هذا الفيلم هو اقتباس مع التعديل والتغيير والحذف والإضافة لرواية 1919 لأحمد مراد فى قالب تاريخى يستدعى أحداث ثورة 19 وحادثة دنشواى والكفاح ضد الإنجليز دون ذكر أى شخصية وطنية هامة مثل «مصطفى كامل» و«محمد فريد» وحتى «سعد زغلول» كان مجرد حوار صغير وما دون ذلك تركيز على القتل والعنف ورحلة الدم والخيانة ومشاهد تقترب من ألعاب الموت والبلاى ستيشين ولذا كان جمهور العمل من المراهقين كبيرًا ولم يكونوا منفعلين بالشخصيات والمشاعر المنعدمة ولا الحوار البسيط جدًا ولكن كانوا جزءًا من لعبة حركة وإقتتال مستمرة لا تنتهى فهذا العمل صناعة أكشن يذكرنا بـ «إبراهيم الأبيض» الفيلم الذى تعرض للبلطجة والعشوائية فى جرعة مكثفة تبتعد عن الفن والجمال ولم يحظَ بجماهيرية إلا من الفئة التى تسيدت فوضى ثورة يناير لأن هؤلاء كانوا وقود وبارود تلك الفوضى الممنهجة وقدموا المثال والقدوة السيئة والإجرامية وهذا ما نراه فى فيلم كيرة والجن حيث لعب «كريم عبدالعزيز» دور الطبيب المكافح فى سرية ضد الإنجليز بذات الأسلوب الذى لعبه فى الاختيار وكذلك «أحمد عز» قدم دورًا لم يكتب بحرفية السيناريو والحوار ورسم الشخصيات وإنما كان تقليدًا مكررًا لإعلانات أحمد عز وهند صبرى وحتى بناء الشخصيات كان مهزوزًا وسطحيًا وغير متناسق عدا شخصية «دولت فهمى» أو هند صبرى التى برعت فى آداء دور الفتاة الصعيدية المناضلة الجادة التى تقع فى حب بلطجى وسكير وهى المدرسة المتعلمة المحافظة وإن كان مكياج دولت غير مناسب بالمرة لتلك الحقبة الزمنية، أما دور ابنة المحقق الانجليزى أو «أميلى» فهو دور دخيل على العمل والرواية والفيلم ووجوده مثل عدمه وقصة الحب ضعيفة جدًا وخيانة «الهلباوى» أيضًا غير مرسومة ومكتوبة بعناية ناهيك عن كم حوادث الضرب والمفرقعات والدماء وأكثرهم سخرية وكوميدية هو المشهد الذى ضرب فيه المحقق الانجليزى بضربات وطعنات وظننا أنه مات وإذا به يعاود التحقيق والعمل... أما مشهد قتل دولت فهو مبالغ فيه وقد شهدنا من قبل مشهد قتل هنادى فى فيلم دعاء الكروان بصورة رومانسية لهنرى بركات ولكن ما تابعناه من أسلوب قتل وحشى يزيد من جرعة العنف والدموية فلا نستغرب قتل نيرة وذبحها! أما مشهد النهاية فهو حكاية وحدوتة «الجن» تلقى ضربات سيف وطلقات رصاص ومع هذا يجرى معافى سليمًا ويقاتل وينتصر مثله مثل «كيرة» الذى حتى اللقطة الأخيرة وهو بكامل هيئته وأناقته وشاربه المنمق وشعره المصفف.

أين الحوار وأين القصة والعمق الإنسانى والتفاعل وهل الانجليز كانوا بهذا الغباء وهل المقاومة المصرية العظيمة وما فعله الوفديون ورجالهم وساساتهم وما فعله المصريون البسطاء تم اختصاره فى خلية مكونة من سبعة أفراد هم أساس المقاومة وهم صورة الكفاح فى 1919؟.. الفيلم له إيجابية استدعاء التاريخ النضالى لمصر والمصريين وحرفية إخراج مشاهد القتال وأجواء العشرينيات من القرن الماضى إلى حد ما... نريد أفلامًا وأعمالًا تشعل الحس الوطنى والانتماء وتعلي من البطولات وشأن الوطن ولكن بأقل قدر من الدماء والعنف... السينما فن ومتعة ورسالة... قبل أن تكون صناعة.

"عن الوفد"

التعليقات