مستقبل كليات الإعلام

مع ظهور نتيجة الثانوية العامة تواجه الأسرة المصرية والناجحون مشكلة اختيار الكلية المناسبة وقد كانت تلك الأزمة قبل عشرين عاماً ويزيد مختلفة عن الآن لأن الجامعات الخاصة لم تكن متواجدة بهذا الكم والعدد في مختلف أرجاء ومحافظات مصر حيث بدأت الجامعات الخاصة عام 1996 بأربع جامعات ولم يكن هناك سوى الجامعة الأمريكية وأكاديمية السادات للعلوم الإدارية والأكاديمية العربية أو البحرية في الأسكندرية وما دون ذلك كان هناك الجامعات الحكومية و مجموع الثانوية العامة ومكتب التنسيق، لذا فبعد الجامعات الخاصة ثم الدولية ثم أخيراً الأهلية التي هي جامعات حكومية ولكن بمصروفات وبرامج دراسية جديدة وتخصصات بينية ونظام الساعات المعتمدة لهذا فأن مأزق الأسرة والطلاب يكمن في الإختيار ليس فقط التخصص أو الكلية ولكن أيضاً الجامعة التى يلتحق بها ومقدرة الأسرة على تكاليف الدراسة والتنافسية الغير مسبوقة في مجال جذب الطلاب وأصبحت إعلانات الجامعات والمعارض الرسمية التي تعلن وتعرض وتسوق للجامعات طقس علمي وإعلامي جديد على المجتمع المصري... ولكن هناك بعض الكليات التي كان لها بريق ومواطن جذب شديدة قد أصابها العزوف وإنحسار الضوءعنها ولم تعد من كليات القمة التي يتهافت عليها الطلاب خاصة القسم الأدبي وذلك لكثرة عدد الكليات والأقسام في هذا التخصص من جانب ولأن هذا التخصص قد صار مهنة كل من يرغب في الظهور أو يملك مالاً أو لديه عدد من المتابعين على شبكات التواصل الإجتماعي ... إنها كليات وأقسام الإعلام التي تعاني اليوم من أزمة وخاصة بعد ازدياد عدد الصحف والصحفيين في مقابل انخفاض التوزيع والذي أدى إلى إغلاق عدد من الصحف والمجلات والإصدارات الصحفية وقلصت العديد من الصحف أعداد صفحاتها وكتابها و مرتبات الصحفيين وعلى الجانب الآخر فإن التلفزيون الرسمي للدولة أصبح هو الآخر يعاني من مشكلات مادية ولوجستية أدت إلى ظهور عدة قنوات فضائية مع أن المحتوى المقدم مازال لا يرقى إلى عدد خريجي إعلام وعدد القوى البشرية للإعلاميين وهنا علينا أن ندرك أن القضية لها أكثر من منظور و سبب ؛ أولاً كليات الإعلام عليها أن تغير من المحتوى والتخصصات التي تنقرض وتتلاشى وعلى لجنة القطاع أن تشجع التخصصات البينية والتخصصات الجديدة وتبتعد عن فكرة التنميط والأطر المرجعية خاصة في ظل ثورة المعلومات والتكنولوجيا وظهور المنصات الإعلامية والتى تحتاج إلى إعلاميين لديهم مهارات جديدة ومختلفة من لغة وتكنولوجيا ورقمية وكتابة وسيناريو وثقافة ودراما ومعلومات وسرعة في الأداء وأبعاد فكرية وثقافية ونفسية تخاطب المجتمع وتحافظ على الهوية وتقف في وجه الهجمات الجديدة من ألعاب وأفلام تدعو للعنف والدم أو الانحراف السلوكي والفكري ... أما المنظور أو السبب الأهم في هذا المضمار هم أن تكون هناك سياسة ورؤية واستراتيجية إعلامية متكاملة للدولة لها أهداف ورسائل وآليات تستهدف الأطفال والشباب ومكون مضمون إعلامي يجمع بين الثقافة والفكر مع المتعة والفن والترفيه فلم يعد الإعلام سياسة ومعلومات بقدر ما أصبح إجتماع وسلوك وتوجه ... قضية كبيرة تحتاج إلى مزيد من الدراسة والتحليل وأدعو أساتذة وخبراء الإعلام إلى عقد ندوات ثم مؤتمر إعلامي يناقش تلك الظواهر والأسباب والآليات والمعوقات والمناهج ويصل إلى نتائج قابلة للتنفيذ والتحقيق ... مستقبل الإعلام وكليات الإعلام يتوقف على تكاتف الجميع أكاديميين وخبراء ومثقفين في الخروج من هذا المأزق الخطير لمستقبل الإعلام وكلياته...

التعليقات