ظاهرة عمرو دياب !

في 1991 أصدر عمرو دياب واحد من أجمل ألبوماته، وهو ألبوم "حبيبي"، وكانت أغانيه كلها تأليف الشاعرين مجدي النجار ومدحت العدل، وتلحين عمرو دياب باستثناء أغنية واحدة، وكان فيه أغاني رائعة، من أقربها لذوقي أغنية "إيه بس اللي رماك" اللي كتبها مدحت العدل. والألبوم ده اتصورت منه أغنية "حبيبي" اللي جملتها المشهورة "إنت داري بانشغالي ولا حبك شيء خيالي".
المهم إن حسام حسني، موزع الألبوم، بيحكي في برنامج "الحلم" إن وقتها كانت بدأت الآلات الموسيقية تختفي وفيه اعتماد كامل على الأورج الحديث وإخراج كل أصوات الآلات منه، ولكن عمرو دياب طلب من حسام حسني يستعين بعازف الساكسفون سمير سرور، اللي كان بيعزف مع المطربين القدام، عشان كان عايز الأغنية يبقى فيها نفس كلاسيكي قديم، لدرجة إنه طلب من مدير التصوير والمخرج المعروف محسن أحمد "اللي ده كان أول إخراج له" يصور الأغنية أبيض وأسود، ولكن حسام حسني تحفظ على رأي عمرو دياب، وقال له يا عمرو حكاية الساكسفون دي بقت قديمة واحنا بنعمل حاجات جديدة، فا عمرو دياب ضحك وقال له بكرا تشوف بعد ما سمير سرور يعزف معانا هيبقى موضة وهيرجع يشتغل تاني.
وبيحكي حسام إنه كلم سمير سرور فا سمير استغرب جدا وقال له "معقول؟ هو لسه فيه حد فاكرني؟". وقد كان. عزف سمير سرور السولو بتاع الأغنية، واللي حصل بعدها إنه مش بس سمير سرور رجع للساحة كعازف، لكن كل اللي قضى مراهقته في فترة التسعينات يفتكر كويس ألبوم صدر منه 5 أجزاء اسمه "عاشق الساكس" بيعزف فيه سمير سرور كل الأغاني القديمة اللي كان بيعزفها مع كبار المطربين القدام، وحققت الألبومات دي نجاح ساحق مدوي ومبقاش فيه مراهق فيكي يا مصر مش بيسمع مزيكة الأغاني القديمة لكبار الملحنين زي بليغ حمدي وفريد الأطرش وكمال الطويل وغيرهم بعزف سمير سرور. وبالمناسبة المتخصصين في المزيكا يعرفوا إن أفكار عمرو دياب لعبت دور مش قليل في إنقاذ العازفين من البطالة بعد ما كان بدأ يبقى فيه اجتياح للآلات الحديثة اللي ممكن تغني عن فكرة العازف المنفرد لكل آلة، ولكن دي مسألة تحتاج متخصصين يخوضوا فيها، وأفتكر إني كنت قريت حاجة للصديقة العزيزة فيروز كراوية بتتكلم فيها عن المنطقة دي باستفاضة. المهم بالنسبة لي الإشارة إلى إن لقطة زي دي ممكن تقول ببساطة ليه عمرو دياب هو رقم واحد على الساحة لأجيال وأجيال، والأمثلة الشبيهة كتيرة، ومتنوعة جدا، وزي ما غامر في الاستعانة بفنان قديم وعمل له إعادة ولادة، يعرف امتى يغامر بوجه جديد شايف فيه حاجة محدش شايفها. الحكاية من الآخر إن ده راجل، بالإضافة للذكاء الحاد والبصيرة، في رهان دائم مع شروط اللحظة الزمنية اللي بيشتغل فيها، وغالبا هو كسبان الرهان ده علطول، وزي ما كنا بنقول واحنا بنلعب في الشارع: الغالب مستمر.
"من صفحته"

التعليقات