الممر الشرفى!
أهتم فيما أهتم بفكرة التتويج والتكريم مع نهاية المشوار المهنى والأكاديمى.. وقد لفت نظرى مؤخرًا الممر الشرفى لطبيب مصرى فى قطر.. قبلها بأيام كان طلاب إحدى المدارس التجارية المصرية يُقيمون ممرًا شرفيًا لأحد أساتذة المواد التجارية، وقدموا له هدايا رمزية.. وكانت من أسعد اللحظات عند المدرس.. لأنه تكريم من الطلاب لشعورهم بالامتنان، وليس تكريمًا من الإدارة التعليمية ولا المديرية ولا حتى الوزارة.. هذا التكريم يبقى فى الذاكرة!
ولكن تكريم المصريين خارج الحدود تكريم خالص، فالطبيب لا يعرف أحدًا ولا يعرفه أحد.. إنما هذا تقدير لعلمه ولمهنته دون سابق معرفة أو شبهة مجاملة.. وطالما أثبتت الكوادر المصرية قدرتها خارج حدود البلاد، حتى أن بعضهم أصبح بمثابة سفراء وزهور مصرية تتفتح فى الغربة لتبعث للعالم برسالة مفادها أن مصر تستطيع وقادرة على العطاء بأبنائها.. وهذا يترك أثرًا معنويًا على أبناء الجالية ويشجع على فتح الباب أمام آخرين!.
ومن ضمن هذه النماذج المشرفة، طبيب مصرى، اسمه مدحت السيد حافظ، لفت الانتباه بخدماته وإنسانيته، فكرّمه مركز رعاية وتمكين الأطفال الأيتام فى قطر.. الفكرة هى تفانيه فى خدمة الأطفال الأيتام، وتطوعه لمعالجتهم على مدار 17 عامًا، وبالتالى أقاموا له ممرًا شرفيًا تثمينًا لعطائه!.. أطلقوا عليه طبيب الإنسانية، لأنه قدم ذلك مجانًا بدون أجر!
وقد احتفت به وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة القطرية، مريم المسند، وعلقت قائلة: «نفخر بأن يكون بيننا طبيبٌ سخّر عِلْمَهُ لعلاج أبنائنا وبناتنا الأيتام فى مركز دريمة تطوُّعًا على مدار 17 عامًا، كانَ فيها أبًا وطبيبًا ويدًا ممدودة بالعطاءِ والإحسان».. وأضافت الوزيرة: «الدكتور الفاضل مدحت السيّد حافظ من جمهورية مصر العربية الشقيقة.. شُكرًا لك على ما بذلتَه، ورفع الله قدرك».. وهو تكريم شعبى كبير، لن ينساه الدكتور مدحت حافظ، وسيظل يذكره لأبنائه وأحفاده!.
هذا الممر الشرفى من اختراعات السوشيال ميديا فى العصر الحديث، ويا حبذا لو كل مؤسسة تطبقه عندها على النوابغ، والذين قدموا أعمالًا جليلة لزملائهم ولأبنائهم فى كل المؤسسات، من أول الصحافة والإعلام وسائر المؤسسات فى الدولة، وصولًا إلى كل المستويات مهما علت!
ويا ليت كل مسؤول يترك العمل فى اللحظة التى يكون فيها عطاؤه قد بدأ يتراجع.. مثل لاعب الكرة الذى يلعب مباراة اعتزال قبل أن يطرده المشجعون خارج الملعب.. نريد أن يفعلها السياسيون والأكاديمون والأطباء والمهندسون.. القاعدة هى أن تخرج فى كامل اللياقة، خير لك من أن يتم إخراجك.. فالممر الشرفى خير من الكارت الأحمر!
باختصار، كلٌّ منا يعرف حدود إمكانياته، فلا تنتظر حتى تفشل فشلًا ذريعًا. اخرج فى الوقت المناسب، واحفظ لنفسك ما بقى لك من ماء الوجه، انتظر ممرًا شرفيًا خير من أن تنتظر «كارت أحمر»!.