«فكرونى إزاى هو أنا نسيتك»!

و سألتنى عن أعظم ما كتبه شعراء الأغنية عن الحب الذي يتحدى النسيان، سوف أقول لك طبقا للتتابع الزمنى أحمد رامى (بافكر فيك وأنا ناسى) غناء أم كلثوم، مأمون الشناوى (لو كنت يوم أنساك / إيه أفتكر تانى) عبدالحليم، وعبدالوهاب محمد (فكرونى إزاى / هو أنا نسيتك) أم كلثوم.
 
قبل يومين مرت ذكرى رحيل شاعرنا الكبير الذي قدم للمكتبة الغنائية أروع الأغنيات التي شغلت ولا تزال مساحة في وجداننا.
 
سوف أبدأ معكم بحكاية فارقة في حياته، عندما قرر شاعرنا الكبير الاعتزال، عام 60، قبل أن تشدو أم كلثوم بأغنية (حب إيه) وكان وقتها لم يبلغ الثلاثين من عمره.
 
الصدفة هي التي مهدت الطريق للأغنية لتستقر على حنجرة أم كلثوم، كتبها «عبدالوهاب محمد» لتغنيها نجاة لم تقتنع، وقرر «بليغ حمدى» أن يقدمها للمونولوجست ثريا حلمى، بالكلمات إحساسًا ساخراً حتى استمعت إليها أم كلثوم بالصدفة.. ولكن قبل أن تغنيها ادعى شاعر شاب آخر، وهو محمد زكى الملاح، أنه صاحب الأغنية وأقام دعوى قضائية، وعاش «عبدالوهاب محمد» لحظات عصيبة وكاد أن يعتزل.. ولم ينقذ الموقف إلا أنه قد سبق له نشر كلمات الأغنية في مجلة (الجيل)، وخسر «الملاح» القضية، ويومها اعتذر لعبدالوهاب محمد قائلاً إنه أراد أن يحقق الشهرة لنفسه فأقام هذه الدعوى، وعلى الفور قدمت «أم كلثوم» أغنية «حب إيه» واتفقت مع «عبدالوهاب محمد» على أن تغنى له «أنا وأنت ظلمنا الحب»!!
 
وكلمات «ظلمنا الحب» المليئة بالشجن النبيل لم تكن «أم كلثوم» هي أول من تستمع إليها، كتبها «عبدالوهاب محمد» في منزل صديقه «بليغ حمدى» وأعاد عليه الكلمات في جلسة تضم وحش الشاشة الملك «فريد شوقى»، ويومها بكى «الملك» وهو يستمع إلى (ما حدش فينا كان عايز / يكون أرحم من التانى / ولا يضحى عن التانى)، في تلك السنوات- مطلع الستينيات- كان «فريد شوقى» مرتبطاً بالزواج من الفنانة هدى سلطان، وبينهما سوء تفاهم، ولم يكن لا هو ولا هدى يريد أن (يضحى عن التانى)، وجاءت الكلمات تعزف على الجرح!!.
 
كان «عبدالوهاب محمد» صديقاً لبليغ وصديقاً لعبدالحليم ورغم ذلك لم يلتق معه فنياً.. «عبدالوهاب» كان يعلق قائلاً إن «عبدالحليم» في الخمسينيات وحتى منتصف الستينيات كان مرتبطاً بالشعراء «مأمون الشناوى»، «مرسى جميل عزيز»، «حسين السيد» وكانوا يقدمون معه أغنيات تثير إعجابه، كان يكتفى بالاستماع إليها، وبعد ذلك في نهاية الستينيات والسبعينيات كان يلاحظ أن «عبدالحليم» يتدخل في كلمات الأغانى، ولهذا آثر هو الابتعاد. لكل شاعر قصة حب وملهمة وأحيانا قصص وملهمات، أم كلثوم أشعلت إبداع أحمد رامى، ومن الممكن أن تجد لطيفة هي التي أشعلت في السنوات العشر الأخيرة من حياة شاعرنا إبداعه، فكانت لا تغنى تقريبا إلا كلماته، سألت «لطيفة»، قبل خمسة عشر عاما، عن الحقيقة، أكدت أنها كانت ولا تزال قريبة له وللعائلة بعد رحيله، وأنه كتب لها أصدق المشاعر كتبها لها ولم يكتبها عنها.
 
ذكرى عبدالوهاب محمد أعادته للذاكرة (فكرونى إزاى / هو أنا نسيتك)؟!.
 
مقال تم نشره فى موقع المصري اليوم 
التعليقات