ناظم الزهاوى وسلم «المجد»

فى السفر سبع فوائد، وفى المعرفة والاطلاع 70 مليون فائدة. ناظم زهاوى قصة فيها من العبرة والحكمة والفائدة والموعظة والمعرفة ما يكفى أممًا وقبائل. ولد الزهاوى فى العراق فى عام 1967.

كانت أسرته من الأسر العراقية التى تتمتع بقوة ونفوذ.

جده كان محافظ البنك المركزى. الأوراق المالية القديمة التى يتداولها الهواة تحمل توقيعه. وفى عام 1979، وصل الرئيس العراقى السابق الراحل صدام حسين فخشيت أسرته على نفسها. فقد كان والد الزهاوى رجل أعمال ضمن الواردة أسماؤهم على قوائم الاعتقال. اتخذت الأسرة قرار الهرب من بغداد.

وحتى أقلعت الطائرة من مطار بغداد الدولى ظلت الأسرة تشعر بأنها قيد التهديد بالاعتقال. ولأن ظروف الأسرة المادية كانت جيدة جدًا، فقد استقرت الأسرة فى بريطانيا على سبيل اللجوء، والتحق بمدرسة خاصة، وهذا أمر لا يقو عليه سوى الأثرياء، وذلك بدلًا من أن يكون عرضة للتجنيد فى الجيش فى بلده العراق وقت الحرب ضد إيران فى الثمانينيات.

صحيح أن الأمور فى بريطانيا لم تكن كلها رائعة، فقد خسر والده أمواله- باستثناء سيارة واحدة- فى أحد المشاريع، ما عرض خطة الزهاوى للالتحاق بالجامعة للخطر، فما كان منه إلا أن عمل عليها كسائق تاكسى.

تدخلت والدته ورهنت مجوهراتها ليتمكن الابن من الالتحاق بالجامعة، حيث درس الهندسة الكيميائية، لكنه فضل خوض مجال الأعمال. وكانت البداية فى برنامج «تلى تابيز» الشهير للأطفال فى الثمانينيات، إذ أسس شركة لبيع منتجات تتعلق بالبرنامج.

وهناك التقى وتوثقت صلته بأحد أكبر ساسة حزب المحافظين الحاكم حاليًا، وهو اللودر جيفرى آرتشر.

توثقت الصلة بينهما، وانخرط الزهاوى فى حزب المحافظين.

وفى مرحلة لاحقة، شارك فى تأسيس أكبر شركات الاستطلاعات عبر الإنترنت «يو جوف»، التى حققت مكاسب خيالية.

ومن المكاسب الخيالية إلى صعود سلم السياسة البريطانية من أوسع الأبواب.

لكن مسيرته السياسية ارتبطت بسقطات مالية.

الغريب أن «الأخطاء» المالية الجسيمة مثل تزويد إسطبلاته الخاصة بالكهرباء على حساب البرلمان لم يؤثر سلبًا على مسيرته السياسية. تقلد العديد من المناصب الوزارية فى حكومات حزب المحافظين المتواترة.

حاليًا، هو رئيس حزب المحافظين الحاكم. وقبل يومين، أمر رئيس الوزراء ريشى سوناك بالتحقيق فيما تم الكشف عنه من «أمور» ضريبية تتعلق بالزهاوى. كثيرون يطالبونه بالاستقالة أو الإقالة.

لماذا؟، لأنه تم الكشف عن أنه سدد غرامة تقدر ببضع ملايين من الجنيهات الإسترلينية لعدم دفعه الضرائب المستحقة عليه كاملة وقت كان وزيرًا للمالية.

اللاجئ الدارس للهندسة الكيميائية، الذى اخترق مجال «البيزنس» من أصغر أبوابه ليصل إلى أكبرها، حيث تسلق سلم سياسة حزب المحافظين حتى تقلد أرفع المناصب، وكان من الأسماء المطروحة لرئاسة الوزراء - فى أزمة بسبب تهربه من الضرائب وسينجو منها على الأرجح. لكنها تظل قصة صعود إلى «المجد» جديرة بالتفكر.
** عن المصري اليوم

التعليقات