عندما تسخر من معانى الحياة فتضحك لها «ها ها ها ع الشيكا بيكا»

عندما تعود لتقرأ بعضا من المنتج الفنى ل صلاح جاهين فتجده حتما ساخرا فيلسوفا مبصرا بمعان حزينه بل ويترجم ذلك مرات ومرات فى مشروعه الأدبى  مبتسما بمراره تاره مقسوما تعيسا ساخرا بمراره الإدراك تارات أخرى..
 
المقالب الانتيكا التى اكتشفها صلاح جاهين فى رحلته مع الحياه بدأ نقلها فى رباعياته والتي بدأ كتابتها فى عام 1959 واستمر فيها على مدى اربع سنوات حيث اكتفى بما كتب في ديسمبر عام 1962 وقد بلغ عددها 150 رباعية نشرها رباعية رباعية في كل عدد من أعداد مجلة صباح الخير. 
كان الظن الشائع لدى الجمهور المهتم بمنتج جاهين وكذلك المثقفين أن اللغه العاميه غير قادرة على أن تكون لغة فكر وفلسفه ، وأنها لن تستطيع أن ينشد بها الشعراء بمضامين فلسفية ومعان مجردة وقضايا كبرى، وأن الفصحى بحكم الميراث والتاريخ هي الوحيده  القادرة على حمل كل المسئوليات.. ولكن هيهات وهذا الزم جاد ب صلاح جاهين.. فإذا بعامية جاهين تزاحم الترجمات الفصيحة لرباعيات الخيام والإلياذه والأوديسا والكوميديا الألهيه إن أردت ، وإذا بهذا القالب "الرباعيات" المحدد التصميم والكلمات، يضئ بما يحتوى من وعي إنساني وخبرة حياتيه وفلسفه مجرده وبصيرة ونفاذ رؤيةوتأمل يتجمل بها شعر  جاهين سواء فى رباعياته أو أغنياته وكذلك كرساما للكاريكاتير وكاتبا لسيناريوهات وحوار افلاما سينمائيه كثيره.. 
وفى علاقه جاهين بسعاد حسنى بعدا أنسانيا عميقا .. ربما تشابهت الأرواح ربما تشابهت التجربه ربما وربما فقد وصف نفسه بأنه زميل مهرج السيرك، لا تدري هل هو يضحك أم يبكي، هل هو مطمئن أم خائف، هل هو مستسلم للحياة أم يحاربها ، هل يعطف على ضعف الإنسان أم يضيق به؟ قد لا تعرف كيف تجيب على هذه الأسئلة ولكنك ستعرف عندما تشاهد رائعته لسعاد فى فيلما من إنتاجها " المتوحشه "  ف بهيه البراويه مثالا مشابها لبيجماليون تلك السعادة المغلفه بالحسره والحزن..  تلك السعاده والامل لحياه عادله تملأها الإنسانيه والصدق.. بهيه البراويه تقدم السعاده للناس وهى تعيش وتتجرع مرارات معانيها القاسيه .. المتوحشه فيلم تم تقديمه أيضا فى مسرحيه تحمل اسم نرجس قدمتها سهير البابلى على المسرح من تأليف جان أنوى وسيد خميس لكن مهارات سعاد الاستعراضية والطربيه اعطت للفيلم الكثير من التميز والاختلاف بل والصدق فى عمل يعيش حتى الآن بأغنياته واستعراضاته .. وابدا لا تستطيع أن تنكر أن صوت سعاد الذى تربى إحساسه  فى بيت موسيقى يأخذ صوت ام كلثوم نبراسا ودليلا ليخرج لنا صوت نجاه وصوت سعاد وفنها .. فتشدو نجاه من طفولتها أغنيات ثومه وتصاحبها فى الخفاء سعاد فتغنى " غلبت أصالح ف روحى " أن تثنيه عن عوامل نجاح سعاد حسنى فى أفلامها.. نعم سعاد تمتلك من مهارات التطريب ما لا يملكه الكثير ممن يمتهنون الغناء حاليا وهذا ما أوثقه الموسيقار عمار الشريعى فى إحدى حلقاته الإذاعيه والتى خصصها عن صوت سعاد حسنى .. 
هل تخيل صلاح جاهين وهو يكتب قبلا من الحان كمال الطويل  لأم كلثوم التى نحتفل بذكراها ال ٤٨ هذا الشهر
والله زمان يا سلاحى، اشتقت لك فى كفاحى، انطق وقول أنا صاحى، يا حرب والله زمان، والله زمان ع الجنود، زاحفة بترعد رعود، حالفة تروح لم تعود، إلا بنصر الزمان" هل تصور جاهين أن هذه الكلمات التى مثلت مقدمة واحدة من الأغنيات الوطنية المهمة التى شدت بها أم كلثوم، وشحذت من همم الشعب المصرى  فى حرب 1956م، أصبحت بعام ١٩٦٠  نشيدا وطنيا.
، ونالت شعبية كبيرة، جعلتها تتحول إلى نشيد وطنى فى 1960م.
هل جاء الى جاهين وهو يكتب كل هذا الحماس فى كلمات لكوكب الشرق أن يكون أبا ملهما وقرينا مقربا  لسندريلا الوطن العربى فيكتب لها ويكتب أجمل ماغنت من كلمات ؟ هل معاناه جاهين وفلسفته ومراراته تناغمت مع معاناه السندريلا وتقابلت معانى الحياه  فى اعمالهم الفنيه ؟  ولما لا فها هو يكتب لها" دوروا وشكو عنى شويه كفاينى وشوش ده أكم من وش غدر بيا ولا ينكسفوش ؟؟ 
ويبقى السؤال هل خُذل صلاح جاهين من الحياه ؟ كما خُذلت سعاد ؟ هل عانى كما عانت هى من احباطات البشر والظروف ؟ هل تساوى فهمهم لمعانى الحياه ؟ هل تشابهت أرواحهم فى عبقريه ما امتزجت فيها  المراره بالفرح امتزجت بها الفلسفه فى رؤيه الحياه ؟؟ ولما لا .. فقد كتب جاهين وتألقت سعاد ساخرين  قائلين " وها ها ها ع الشيكا بيكا "
التعليقات