متعلمون على الورق!

كتب السيناريست عبد الرحيم كمال فى حسابه على "تويتر": إن من يكتبون "لاكن" انتصروا على الذين يكتبونها "لكن" وأصبحوا أغلبية، بل صاروا نخبة تتحكم وتحكم على أذواق وسلوك الآخرين، وصارت الصفوف الأولى يجلس فيها من يكتبونها "إنشاء الله" و"الله وأكبر" ولا عزاء للباقين سوى قيام القيامة!
 
لخصت "التويتة" ما وصلنا إليه من تدهور في مستوى التعليم والثقافة، جيلاً بعد الآخر، حتى وصل الأمر إلى أن70% من طلاب الصف الرابع الابتدائي لا يعرفون القراءة والكتابة، كما عكست ما يعانيه المتعلمون من أمّية أبجدية ومعرفية وثقافية، ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد أعادت "التويتة" لذهني مقالاً بديعاً للمفكر والناقد الراحل محمد مندور، نُشر عام1944 بعنوان "أمية المتعلمين" تناول فيه أهمية مكافحة الأنواع الثلاثة من الأمية في شبه ثورة اجتماعية، تُجنّد لها جميع القوى قسراً.
 
وذكر في مقاله أن الأمية الأبجدية أهون الأنواع الثلاثة، لأن تعليم فك الخط ليس بالأمر العسير، أما الأمية العقلية فمحوها أشق، وإن خُيّل إلينا عكس ذلك، فليس أصعب من تبسيط المعرفة، وهذان باستطاعة حكومة حازمة أن تكافحهما، لكن "أمية المتعلمين" داء عميق أصّلته أسباب عاتية لا ندرى كيف السبيل إلى علاجها؟ ولها ثلاثة مظاهر، الانتهاء من التعليم الدراسي بفائدة ضئيلة، وعدم تنمية المعلومات بعد التخرج، وضعف الثقافة العامة وإهمالها لدى معظم المتعلمين.
 
وأشار إلى أن شبابنا أغلبهم لا يرون لمعارفهم صلة بالحياة أو فائدة من إثرائها، أما الغربي على العكس من ذلك، معارفه حية لأنها وقود تفكيره، لذا يتخرج مُتعلمنا عالة على الحياة، ويتخرج مُتعلمهم عنصراً فعالاً فى خلق تلك الحياة، وقلّ من يتابع منهم سير المعرفة فى مهنته، آفاقهم محصورة ومعارفهم ضامرة، لا فى ثقافتهم المهنية فحسب، بل وفى ثقافتهم العامة، وفى بلدنا ما يفزع حتى لتحسب أن أرضنا لم تتسرب إليها معاني الحضارة، والأشنع أنهم لا يستحون من جهلهم، أليست الثقافة المنبع الأول لمُتع الحياة، أليست دليل التحضر وارتفاع الإنسان عن مستوى الحيوان الأعجم؟!
 
تلك بعض الأفكار التي وردت في مقال د. مندور منذ ما يقرب من 8 عقود، تُرى ماذا لو عاش بيننا، وشاهد ما وصل إليه المتعلمون على الورق من حاملي الشهادات من جهل معرفي وثقافي، وأخطاء إملائية شنيعة؟!
 
مقال/ آمال عثمان
 
التعليقات