عودة حتمية للقرية المنتجة

مع السعار الذى أصاب الأسعار، وللأسف تلاعب البعض من معدومى الضمير بأسعار السلع الأساسية بصورة شبة يومية.. ورغم الدور الذى تقوم به معارض أهلا رمضان لتوفير السلع والاحتياجات الأساسية للمواطنين فى محاولة لكبح الزمام المنفلت للأسعار.. إلا أن متوالية ارتفاع أسعار مختلف السلع الأساسية تضرب البيوت المصرية وبقسوة، وأصبحنا اليوم فى أمس الحاجة إلى حلول غير تقليدية لمواجهة هذا الانفلات السعرى و«سعار» البعض لتحقيق المكاسب منها..
 
وأعتقد أن واحدًا من هذه الحلول هو توجيه الدولة، ممثلة فى وزارة التموين والتجارة الداخلية، فى طبع سعر البيع للمستهلك على عبوات السكر والأزر والشاى وغيرها من المنتجات، مع تشديد الرقابة على المحلات والسوبر ماركت فى الالتزام بهذا السعر، خاصة أن هذا السعر يأتي من المصنع أو من المنتج وبه هامش ربح التاجر، وذلك يمنع بورصة الأسعار التى لا تعرف التراجع حتى كتابة هذه السطور.. وأعتقد أن هذا حل سريع وعاجل ويتماشى مع قواعد السوق الحر..
 
أما الحل طويل الأجل فيتمثل فى حتمية عودة القرية الى الإنتاج.. وما أقصده هنا، هو ما كان يوجد فى الماضى فى كامل القرى المصرية من إنتاج للبن والبيض والدواجن بل والخبز أيضا، وهذا كله تراجع بصورة كبيرة منذ سنوات عديدة مضت، وأعتقد أن أول ضربة موجعة للإنتاج المنزلى للبيض والدواجن كانت مع انتشار مرض إنفلونزا الطيور وما تم حينها من التخلص من التربية المنزلية للطيور والدواجن بصورة كبيرة نعانى منها اليوم.
 
فى الماضى كان البيت الريفى يحقق الاكتفاء الذاتى من الألبان والبيض والدواجن والخبز.. فى الماضى كان عيبًا على أى بيت فى الريف أن يجلب خبزًا من الفرن، وكان عيبًا أن يكون البيت الريفى خاليًا من كافة أشكال الطيور (دواجن، بط، إوز، حمام)، وكان إنتاج الألبان ومشتقاتها (قشطة، جبنة، سمن بلدى) إنتاج خاص بكل بيت، وفى الماضى كان من يقوم بزيارة أهله أو قريته فى الريف يعود محملا بكل خيرات الريف.. 
 
اليوم ومع تغير الكثير من العادات واستيراد ثقافات غريبة على الريف والقرى المصرية وخاصة (المرأة الريفية)؛ بل ونمط البناء فى الريف جعل من النادر اليوم أن تجد بيتًا ريفيًا يخبز أو يربى من الطيور احتياجاته أو يربى من المواشى ما يوفر له الألبان ومشتقاتها.
 
فهل تكون الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية وارتفاع الأسعار الجنونى الذى يضرب الأسواق فرصة لتبنى نداء أو مشروع تتبناه «حياة كريمة» لعودة القرية المصرية الى نمط الإنتاج الذى كان فى السابق.. خاصة أن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى قد طالب فى أكثر من لقاء وفى أكثر من افتتاح بتطوير آليات تربية المواشى مع الفلاح المصرى وتزويده بسلالات جديدة تضاعف إنتاج الألبان واللحوم.
 
فهل نطمع أيضًا بتزويد البيوت فى القرى بسلالات من الدواجن للتربية المنزلية توفر احتياجات أهل القرى، وبالتالى يقل ضغط الطلب نوعًا ما فيساهم فى استقرار الأسعار..
 
فى قلب كل أزمة تولد فرصة، وهذه فرصة لنا جميعًا لنراجع أولويات الإنفاق فى البيوت وترشيد الإنفاق، وأيضًا أراها فرصة لعودة حتمية للقرية لأن تعود بيوتها منتجة مثلما كانت فى الماضى..
 
ولله الأمر من قبل ومن بعد 
 
حفظ الله مصر وحفظ شعبها
 
 وجيشها وقائدها 
 
المقال/ أيمن شعيب
بوابة الأهرام
التعليقات