«بالطو» والطبيب الشاب

فترة تكليف الأطباء هى فترة مليئة بالميلودراما والمآسى والدموع والتعب، حولها دكتور أحمد عاطف إلى كوميديا سوداء تلخص أوضاعاً عبثية، من فرط عبثيتها وكابوسيتها يتملكك إحساس أنك تشاهد فيلماً من أفلام الخيال العلمى!أهمية هذا المسلسل لا تنبع من جودة صناعته وإنتاجه وفنياته من كتابة وإخراج وتصوير، لكن كشفه لما يحدث للأطباء الشبان وتسليطه الضوء على معاناتهم الحقيقية والتى عاناها كل من قضى فترة التكليف فى الريف وأنا منهم، حيث قضيت فترة تكليفى فى قرية من قرى الجيزة اسمها الكُنيّسة (بضم الكاف وتشديد الياء).
 
الطبيب المتخرج حديثا يكون قد درس كل الطب على الورق ولم يتجاوز هذا الورق إلى أى ممارسة على أرض الواقع، فجأة يصبح مديرا لوحدة صحية، بجانب مهامه الطبية التى فى كل الفروع من علاج الضغط حتى تركيب اللولب، هناك شهادات الميلاد والوفاة والتسنين، ثم الجزاءات والإجازات وختم النسر والمرتبات وتقارير الترقيات… إلخ، وهو لا يفقه أى شىء فى كل تلك التفاصيل الروتينية! فضلاً عن جهاده المبدئى فى التعاطى مع المكان الجديد وأشخاصه وثقافاته وألاعيبه وخوازيقه ومقالبه.. إلخ.
 
لا بد من إعادة النظر فى طريقة التعليم والتعيين والتدريب، لا بد أن يتعلم طالب الطب التفاعل مع المريض منذ بداية الكلية وليس بطريق الصدفة فى آخر سنتين، لا بد من تأهيله وتدريبه قبل رميه فى هذا المحيط متلاطم الأمواج، حتى لا يغرق، ولا يحبط، خاصة أنه ينتهى من الدراسة وهو يشاهد أصدقاءه يكسبون من وظائفهم التى تولوها منذ حوالى ثلاث أو أربع سنوات، سواء فى هيئات أو شركات أو بنوك، وهو ما زال يأخذ المصاريف من والده، أو يقبض ربع ما يصرفه فى الميكروباصات والتكاتك حتى يصل للقرية التى فيها الوحدة الصحية، ولنا لقاء مع مسلسل «بالطو» الجميل بعد مشاهدة جميع حلقاته بإذن الله.
 
المقال/ خالد منتصر
الوطن
التعليقات