التعافى المرورى

يسألنى عدد كبير من الأصدقاء والقراء الأعزاء عن سبب ابتعادى أخيرًا عن ملف المرور وقواعد السير، أو بالأحرى لا قواعد السير.
 
 
يتصور البعض أن «المشكلة» تم حلها، وكأنها خناقة بينى وبين قائد سيارة وتم حل الخلاف. ويعتقد آخرون أن الأمور قد تم ضبطها وأن تطبيق قوانين السير فى شوارعنا أصبحت «عال العال» ولم يعد هناك مجال للنقد أو المطالبة بالتحسين أو إعادة البناء. ويقول آخرون إنه ربما طلب منى التوقف عن الكتابة فى هذا الملف. وأقول إن كل ما سبق
 
ليس حقيقيًا، فلا المشكلة تم حلها، لأنها منظومة ضخمة لن يتم حلها بقرار أو بمخالفة أو بمقال أو مناشدة أو حسن نوايا أو تأكيد على أن كله تمام. كما أن الأمور لم يتم ضبطها فى الشارع، وهذا بشهادة الجميع الذى يعانى الأمرّين من خطورة القيادة التى أصبحت اجتهادًا وفرض عضلات أكثر منها قوانين وقواعد. والحق يقال إن أحدًا لم يطلب منى التوقف ولا الاستمرار.. ولكن يمكن القول إننى فقدت الأمل. نعم، فقدت الأمل بشكل شبه كلى فى أى إصلاح فى هذا الملف. لماذا؟ لأننى كل يوم أفاجأ بأن الفئة التى يعتقد أنها الأكثر دراية بقيمة القانون ومكانة القواعد وأهمية السلامة، وذلك بين دوائر الأصدقاء والمعارف، هى نفسها بينها من يضرب عرض الحائط بكل ما سبق. دكتور «قد الدنيا» يسير عكس الاتجاه، ومهندس نابع ونابغ يتعدى السرعات لأنه «مستعجل»، وأستاذ جامعى يعتبر خطوط الحارات المرورية هى والعدم سواء. والقائمة طويلة.
 
نعم، نستيقظ كل يوم على فاجعة موت أو إصابة فادحة يتعرض لها قريب أو عزيز بسبب سرعة جنونية أو سير عكسى أو قيادة غير ملتزمة، لكننا نكتفى بالحوقلة والدعاء له ولأهله. وكما ذكرت من قبل، تقوم الجهات المختصة بالتوجه لمكان الحادث لرفع الآثار وإعادة الحركة المرورية إلى ما كانت عليه، وذلك بالمعنى الحرفى للعبارة انتظارًا للكارثة المقبلة. ماذا نفعل فى نسبة معتبرة من قادة مركبات «يحلقون» على سيارة الإسعاف أو يتجاهلونها تمامًا ولا يهرعون للاصطفاف على جانب الطريق، ولا عقاب لهم ولا يحزنون؟ وماذا نفعل فى سكان «كومباوند» يتجادلون بأنه لا توجد علامات توضح اتجاه السير فى الميادين والشوارع ما يعنى أن كل ساكن يقود سيارته فى الاتجاه الذى يستلطفه؟! وماذا نفعل فى رخص قيادة تصدر لمن ينجح فى الضغط على بدال البنزين؟! وماذا نفعل فى قادة سيارات حكومية هم أول الضاربين عرض الحائط بالقوانين والقواعد؟!.. عدم يقظة، سير عكسى، تعدى سرعات، تعدٍّ خاطئ، عدم التزام بالحارة، وقوف خاطئ، والقائمة المميتة معروفة. قبل أيام قليلة، كادت دراجة نارية تصدمنى. أين؟ على الرصيف.. يومها عرفت أننى تعافيت من غضبى وحنقى الكبيرين لترك الأمور «تضرب تقلب» فى ملف السلامة المرورية، حيث اعتذر السائق والتزمت الصمت.
 
المقال / أمينة خيرى
المصرى اليوم 
التعليقات