صدام الإنسان والروبوت!
Tuesday, April 18, 2023 - 03:43
فى المجتمعات التى تنتشر فيها ظاهرة «اقتراض» الإبداعات واقتباس الأفكار وإعادة تدوير البحوث والرسائل العلمية، تمضى الأمور فى ظل تطورات الذكاء الصناعى المذهلة قدمًا وكأن التطورات والعدم سواء. بمعنى آخر.. الدرجات العلمية المضروبة، والأموال التى تُدفع من قِبَل طلاب «علم» للبعض ممن يُفترض أنهم يملكون العلم ولا يملكون المال من أجل كتابة رسالة أو بحث أو ورقة علمية بالإنابة، ظواهر معروف أنها منتشرة فى مجتمعات أكثر من غيرها. وحيث إن الثورة الرقمية، ومعها تطورات الذكاء الصناعى، تجتاح دول العالم دون استثناء، سواء الدول التى تنبع منها هذه الابتكارات أو قرينتها التى تكتفى بالاستقبال والاستخدام، فإن ثورة الذكاء الصناعى فى موجتها الحالية تطولنا دون أن نعلم. على سبيل المثال «تشات جى بى تى»، الذى يقلب الدنيا رأسًا على عقب الآن، ونظن أنه غير متاح فى مصرنا العزيزة، لكن أبناءنا الأعزاء قادرون على الوصول إليه من بيوتهم بكل سهولة ويسر وهدوء، تدور حوله فى جامعات عديدة حوارات ونقاشات للخروج بتصورات واقعية ومنطقية للتعامل معه. وعلى الرغم من أن «تشات جى بى تى» ليس بالضرورة «سرقة بحث» أو «ضرب دراسة»، وهى الأمور التى نعرفها جيدًا منذ عقود، فإن إمكاناته أيضًا ليست بعيدة تمامًا عن سوء الاستخدام. وفى الجانب من العالم الذى تخرج منه إبداعات التطبيقات وابتكارات العلم، التى توافر لها الوقت والجهد والمال الذى يهدره آخرون فى نقاشات عقيمة وإعادة تدوير ما خفّت قيمته وثقلت سخافته من أفكار أكل عليها الزمان وشرب يعلمون أن التعامل الحكيم مع تطبيقات مثل «تشات جى بى تى» هو المطلوب، وليس التعامل المرتكز على عضلات المنع وقرارات الإغلاق.
أغلب الظن أننا سنغض الطرف عما يجرى الآن من ثورة حقيقية فى عالم التطبيقات والمعلومات والكتابات لأسابيع وربما شهور، مع العلم أن الأسابيع فى العصر الرقمى توازى عشرات وربما مئات السنوات. وسنستمر على الأرجح فى غض الطرف، أو بحسب الإفيه الشهير «إعمل نفسك ميت» لحين إشعار آخر. وأغلب الظن أنه حين يحين أوان هذا الإشعار الآخر، الذى سيحدث كرد فعل على حدث جلل مَسّنا بطريقة مباشرة بفعل مثل هذه التطبيقات، سنتعامل معها بطريقة «هنجيب ضرفها»، أى يصدر قرار بإغلاقها وتشميعها بالشمع الأحمر. وهذا لو تعلمون السهل الممتنع، حيث سهولة الإعلان واستحالة التنفيذ. العالم يدرس سبل التعامل والتعايش مع «تشات جى بى تى» وغيره. هذا «الروبوت» قادر على خلق محتوى جذاب بدون أمارات اقتباس مباشر يتراوح بين كتابة القصص والقصائد الشعرية، والبحوث والأوراق العلمية، وكذلك الموضوعات والتحقيقات الصحفية بمهنية ودقة وجاذبية، وإن ظل فى رأيى خاليًا من الإبداع البشرى والتميز الفردى، فماذا نفعل نحن، مع التذكرة مجددًا أن عدم إتاحته فى دولة ما لا يعنى أبدًا عدم القدرة على فتحه أو الدعوة إلى الصدام معه.
مقال / أمينة خيرى
المصرى اليوم
التعليقات