بلينكن يهاتف شكرى

توقفت أمام الاتصال الذى أجراه أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، مع وزير خارجيتنا سامح شكرى، وكان بالطبع حول السودان.

 

توقفت أمامه لأنى أتابع اتصالات بلينكن منذ بدء الحرب فى السودان، وأراه يتحدث عن اتصالاته مع عبدالفتاح البرهان، قائد الجيش السودانى، ومحمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع، الذى يقاتل الجيش والذى بدأ الحرب.. وألاحظ أن الوزير الأمريكى يتحدث عن تواصل مستمر مع البرهان وحميدتى، وعن صلة وثيقة من جانبه بهما، وعن أنه يحثهما على وقف الحرب والجلوس على مائدة للتفاوض.

 

 

وقد أوشكت الحرب على إتمام أسبوعها الثالث، دون أن ينجح الأمريكان فى وقفها، فضلًا عن جمع الرجلين على مائدة واحدة.. فلا يزال الحديث كله عن هدنة هنا، وعن هدنة أخرى هناك، وعن خرق للهدنة فى كل مرة، وعن أسباب إنسانية لها فى كل المرات.

 

 

ومن المتابعة سوف ترى أن واشنطن تساوى بين الطرفين، وتتواصل معهما من فوق أرضية واحدة، ولو أنها أنصفت لتعاملت معهما بالطريقة التى تعاملت بها فرنسا مع مصر وإسرائيل قبل حرب ١٩٦٧ عندما أعلن رئيسها شارل ديجول أنه سيقف ضد الطرف الذى يبدأ الحرب ويبادر بها، وقد كان هذا هو موقف بلاده بالفعل.. صحيح أن هناك فارقًا بين الحالتين، ولكن المبدأ المحترم يظل واحدًا.

 

 

وعلى كثرة الاتصالات التى أجرها الوزير الأمريكى، سيلاحظ هو أن اتصاله مع الوزير شكرى يختلف لأن مصر لا مصلحة لها تسعى إليها فى السودان إلا وحدة الأراضى السودانية، وإلا استقرار السودان، وإلا أمن السودان، وإلا صالح شعب السودان.. تمامًا كما كان الحال ولا يزال فى ليبيا لأن القاهرة لا مطمع لها فى طرابلس، ولا مطمح لها فى الخرطرم إلا ما أشرت إليه.

 

 

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فى تقرير لها عن الكثيرين الذين يتهافتون على السودان، وعن أن كل طرف منهم يريد مصلحة له على أرض البلد.. ولو نشرت الصحيفة قائمة بالأسماء المتهافتة على الأراضى السودانية ما كانت مصر فى القائمة، لا لأنها أقل من الأسماء الواردة، ولكن لأن المصلحة عندها كانت ولا تزال مصلحة السودان نفسه، لا مصلحتها المجردة فيه.

 

 

اتصال بلينكن مع شكرى هو اتصال مع الطرف الذى يريد الحل ولا يجرى وراء المصلحة، وهو اتصال مع الطرف الذى يقصده كل مَنْ يبحث عن العنوان الصحيح فى ملف السودان.. وقد شاع عن الأمريكان أنهم لا يهتدون إلى الطريق الصواب إلا بعد أن يجربوا كل الطرق الخطأ.

المقال / سليمان جودة 

المصرى اليوم 

 

التعليقات