دروس صحفية!
تعلمنا من أساتذه الصحافة أننا يمكن أن نؤيد مسؤولًا اليوم، ونختلف معه غدًا. ليس معنى أن نتحمس لوزير اليوم أن نتحمس له إلى الأبد ولا نعارضه مهما أخطأ!. الأساتذة قالوا إن الكاتب الحر يجب ألا يكون تابعًا لشخص بعينه، ولا عبدًا لرأى واحد. يجب أن تكون له مواقف يدافع عنها، ولا يتقيد بعلاقات شخصية أو آراء سابقة!.
فى نفس السياق، أذكر الصحفى الكبير «عبدالقادر باشا حمزة» عندما كان يصدر جريدة «الأهالى» فى الإسكندرية، كان يرى أن «محمد باشا سعيد» رئيس الوزراء أصلح لقيادتها من سعد زغلول فى أوائل قيام ثورة 1919، ثم غير رأيه وأصبح من أشد المناصرين له حتى فارق الحياة!.
كان السياسى «أمين الرافعى»، وهو رائد من رواد الصحافة، من أشد المعجبين بسعد زغلول، ثم انفصل عنه وظل يعارضه حتى رحيله.
كان الدكتور «طه حسين» من أعنف الذين هاجموا سعد زغلول وحزب الوفد، وبعد فترة انضم لحزب الوفد وكتب يؤيد سعد زغلول.
كان الصحفى الكبير «توفيق دياب» من أعنف معارضى سعد زغلول، وبعد ذلك أصبح من أقوى مناصريه ومؤيدى الوفد.. لكن بعد أن تولى «النحاس» باشا رئاسة الوفد اختلف معه وهاجمه.
السياسة متغيرة، ليست ثابتة كالدين، من يخالف يكفر بالخالق. السياسة هى مقارعة الحجة بالحجة، هى رأى ورأى مخالف. هى خلاف بين الأفكار والرؤى.
الكاتب من حقه أن يقول رأيه بشرط ألا يكون شخصيا أو يهدف إلى مصلحة خاصة. الكاتب من حقه أن يؤيد مرة ويعارض مرة!.. بداياته قد تختلف عن سنوات نُضجه.. فهو بشر، يصيب أحيانا ويخطئ أحيانا أخرى.
يجب ألا يربط نفسه بشخص واحد أو حزب واحد، ويدافع عن أى خطأ ويبرره. الكاتب يجب أن يحاول أن يكون موضوعيًا، ولا يكون تقييمه شخصيًا. لا يتوهم أنه إذا استفاد هو، استفاد الوطن، وإذا حُرم من حق له، حُرم البلد كله من حقوقه.
كم من كُتاب محترمين على مدى التاريخ، فضّلوا الجوع على أن ينصروا ظالمًا، أو أن يوافقوا على رأى ضد مصلحة الوطن.
الكاتب الحر يجب أن يعزل معاشه عن ضميره!.
المقال / صفية مصطفى امين
المصرى اليوم