أوغلو والجماعة
كتبت، يوم الثلاثاء الماضى، عن الانتخابات الرئاسية التركية، وكيف أنها ليست مجرد انتخابات رئاسية فى دولة من دول المنطقة الأكثر اشتعالًا على ظهر الكوكب، وكيف أن هذه الانتخابات الصعبة تفرض نفسها فرضًا على كل الدول العربية إن لم يكن من باب السياسة، فالاقتصاد، وإن لم يكن هذا أو ذاك فمن نافذة الأيديولوجيا، التى تبقى حبرًا على ورق إلى أن يحين موعد التنفيذ والتطبيق على أرض الواقع. الانتخابات التركية هى كذلك انتخابات لجماعة الإخوان المسلمين عالميًّا. وأتصور أن كوادر الجماعة فى أنحاء العالم، والمنتمين لها سواء الأعضاء الظاهر منهم والكامن المصنف نفسه أنه إخوانى صريح والمتأرجح المتعاطف وما بينهما، هم أكثر سكان الأرض قلقًا وترقبًا هذه الأيام. هذه الانتخابات هى الامتحان الأكبر والأفدح للجماعة، التى تعرضت لهزات عنيفة على مدار العقد الماضى، وذلك بعدما بزغ نجمها فى تونس ومصر وغيرهما من الدول التى ضربتها رياح «الربيع العربى». وهو النجم الذى كشف ماهية الجماعة الحقيقية، لا من حيث ولعها وشغفها بالسلطة والاستحواذ فقط، ولكنه كشف «ظهر» الجماعة الذى يسندها إقليميًّا ودوليًّا، إن لم يكن إيمانًا بمنهجها وتعاطفًا مع مسيرتها، فلأن المصالح تتصالح أو لأن وصولها إلى الحكم فى بعض الدول هو المرجو والمبتغى لقوى عالمية عديدة. وبدون العودة إلى هذا الملف مصريًّا، فإن الانتخابات التركية الرئاسية ستكون أحد أكبر محددات مصير الجماعة، ناهيك عن كونها فصلًا جديدًا من فصول السياسة والاقتصاد فى تركيا، سواء فاز الرئيس الحالى أردوغان أو فاز منافسه «العلمانى» كمال كليتشدار أوغلو. وأعود وأُذكر بوعود أوغلو الانتخابية فيما يتعلق باللاجئين السوريين فى تركيا، حيث ترحيل لهم فى غضون عامين إلى بلادهم، أو بالأحرى وعده بأنه «سيودعهم إلى بلادهم، ولا مانع من قدومهم إلى تركيا سياحًا أو لإقامة حفلات زفافهم»!.