جامعة الدول العربية.. ملامح إشراقة جديدة

أثبت التاريخ صدق مقولة أن جامعة الدول العربية هى مرآة لحال العرب.. إذ يعكس حال الجامعة حالهم، هى تستمد فاعليتها وعزيمتها من صلابة الموقف العربى، لعل أبرز تداعيات قمة جدة 2023 ونجاح الدبلوماسية العربية - على رأسها مصر والسعودية - فى تطوير آليات العمل العربى المشترك.

وتأتى أهم ركائز هذه المساعى إصلاح جامعة الدول العربية وتفعيل مسارات التنسيق السياسى بين الدول الأعضاء فى ظل المتغيرات الإيجابية التى حملت العديد من مظاهر التقارب واحتواء التضارب فى المواقف بين بعض الدول.

الأمر الذى أدى إلى شىء من الركود أصاب أداء الجامعة العربية نتيجة بعض المعوقات التى كانت تقف فى مسار تطوير هذه المؤسسة العريقة التى تُعد من أقدم المنظمات السياسية.

بعد ما تم طرح ملفات أزمات المنطقة بوجود جميع أطرافها خلال قمة جدة بتنسيق على أعلى درجة من الإعداد نفذته الجامعة العربية مع كل مظاهر التوافق العربى- العربى بين القادة حول معظم هذه القضايا، ما منح النشاط الدبلوماسى للجامعة مساحة أكبر، يمكنها أن تصبح طرفاً مؤثراً فى حل الأزمات العربية، وأبرزها سوريا ولبنان وليبيا والعراق، إذ تشير كل الدلائل إلى مواكبة قمة جدة انطلاقة جديدة للجامعة العربية على طريق التطوير تحديداً وأن الظروف والتحديات الدولية تحتم فاعلية هذه المؤسسة.

المشهد اللافت الذى وضعته قمة جدة على طاولة الجامعة العربية هو دور يعكس استقلالية القرار العربى المشترك تجاه الصراعات الدولية عبر سياسة تتبنى توازن الموقف العربى تجاه أطراف الصراع والقوى ونأى المنطقة عن الالتحاق بالصراعات الدولية التى تصاعدت وتيرتها منذ العام الماضى، ذلك بما يخدم مصالح المنطقة مع هذه الأطراف.

قمة جدة فتحت أمام الجامعة العربية آفاق المضىّ نحو آليات جديدة وفق التفاعل العربى مع التحولات الدولية.. ما سيضع على أولويات أجندة الجامعة العربية الاضطلاع بدور أكبر ليس فقط على الصعيد الإقليمى لكن على المستوى الدولى، إذ لا يمكن فصل المنطقة عن هذه التحولات.

الأمنيات بغد أفضل ومستقبل أكثر إشراقاً بالتأكيد تضع على عاتق الجامعة المزيد من العمل والإرادة لمواكبة التطورات العربية والدولية بإيقاع أكثر فاعلية وتأثيراً. وسائل تقوية وتفعيل دور الجامعة العربية لا تقتصر على الشق الاقتصادى ما يمكّنها من التحرك بطرق أفضل.

وجود الأمين العام أحمد أبوالغيط على رأس المنظمة فرصة ذهبية لإعادة بث الروح التى عكستها قمة جدة إلى شرايين الجامعة العربية.

«أبوالغيط» قامة سياسية تمتلك مخزوناً ثرياً من الخبرة الدبلوماسية والعلاقات العربية والدولية، ما سيتيح للجامعة مسار عمل يعتمد المشاركة على نطاق البعد الدولى فى ملفات الأزمات والصراعات.

بالإضافة إلى ما تشهده مصر والسعودية من تطور واهتمام بالسياسات الخارجية، سواء على صعيد قياداتها السياسية أو على مستوى وزراء الخارجية، ما يعكس إدراكاً جاداً للمتغيرات الدولية، يشكل دعماً مباشرا فى إنجاح أى تطور للجامعة العربية من شأنه خلق منظومة من العلاقات الدولية تجمع بها الموقف فى دول المنطقة التى تقف على مسافة واحدة من الصراعات الدولية، داعية إلى احتوائها عن طريق التفاوض والحلول السلمية.

الجدير بالذكر أن دور الجامعة العربية توارى إلى حد ما، خصوصاً بعد أحداث ما أُطلق عليه «الربيع العربى»، مع تسيُّد أجواء الفوضى والعشوائية التى طالت عدداً من دول المنطقة.

لكن عدة إشارات واضحة ظهرت أمام المتابعين للقاءات التى عُقدت قبل وأثناء قمة جدة على عودة الطاقة إلى منظومة عمل الجامعة العربية.. عودة تحمل كل مقومات المسئولية والإدراك لأن تستعيد إشراقها كمرآة للعرب تعكس مواقف المنطقة العربية وتلبى مطالب شعوبها.

المقال / لينا مظلوم 

الوطن 

التعليقات