مذنبون وأبرياء وهاربون وضحايا

ليس كل من قرر السفر واللعب لدولة أخرى مجرما وخائنا للوطن.. ففى مقابل من اختاروا السفر واستسلموا لإغراء الكثير جدا من المال.. هناك من قرروا ذلك بعدما أدركوا قسوة البقاء وسط فساد ومظالم واضطهاد فسافروا اضطرارا وبقيت قلوبهم معلقة بمصر.. وليست الاتحادات التى سافر أو هرب أو هاجر أحد لاعبيها هى بالضرورة كلها اتحادات فاسدة أو مخطئة.

 

فهناك اتحادات لا تسمح لها إمكاناتها بمواجهة الإغراءات المتتالية ولا تملك هى ووزارة الشباب والرياضة كلها المال الكافى للمحافظة على بقاء الجميع.. وقد آن أوان التخلص من هذه الأحكام العامة والمعتادة التى بات من السهل إطلاقها.

 

 

فكل لاعب حالة خاصة لابد من دراستها بهدوء ومعرفة كل تفاصيلها وأسبابها بدلا من استسهال اللجوء الدائم والمتسرع للأحكام سابقة التجهيز.. ومع احترام خصوصية كل حالة وظروفها وتفاصيلها.. يمكن تقسيم لاعبى مصر فى الألعاب الفردية إلى ثلاثة أنواع.. لاعب يمر بظروف عادية مثل باقى زملائه لكن جاءته عروض خارجية بامتيازات وإغراءات مالية فيقبلها ويستجيب ويرحل.

 

 

ولاعب سيدفعه الأذى النفسى أو الفنى والاضطهاد المستتر أو المعلن للخروج من مصر.. ولاعب سيبقى مهما تعرض لضغوط وقيود وسيصمد ويواصل اللعب والتألق.

 

 

وليس من الضرورى إطالة التوقف أمام لاعبى النوع الأول لأن مصر فى النهاية لن تملك امتيازات وعروضا مالية تغرى هؤلاء بالبقاء واستمرار اللعب لمصر وفى مصر.. وإذا استجابت مصر فى أى وقت لأحد من هؤلاء وقررت تمييزه وتعويضه ماليا.

 

 

فسيصبح ذلك بمثابة دعوة مفتوحة لكثيرين لأن يقرروا إعلان الرحيل انتظارا لتعويض الدولة ومساندتها وهو ما لن تقدر عليه مصر فى أى وقت.. وستتواصل فى المقابل حكايات هؤلاء اللاعبين الذين سيغريهم المال بالخروج مهما حاولنا واجتهدنا وصرخنا.. أما لاعبو النوع الثانى أو الذين يضطرون للرحيل رغما عنهم.. فهؤلاء هم الذين يستحقون التوقف أمام حالاتهم.

 

 

والتوقف الذى أقصده ليس تحقيقات شكلية لمجرد إسكات الأصوات الغاضبة وانتظار أن تهدأ الأمور حتى يتم إغلاق كل الملفات كأن شيئا لم يكن.. وبالمناسبة.. لم يكتمل أى تحقيق سابق ولم تتم إدانة أى مسؤول ولم يعرف الناس أى أسباب حقيقية دفعت كثيرين منهم للخروج من مصر رغم حبهم لها.

 

 

وأصبح سهلا أن يتهم المسؤول الرياضى أى لاعب هارب بالطمع والضعف أمام الإغراء المالى.. كما بات من السهل أيضا أن يرحل لاعب بحثا عن المال ويؤكد أنه اضطر لذلك لأنه مضطهد ويتآمر ضده الجميع.. ولهذا أكدت أنه من الخطأ الفادح عدم التعامل مع كل لاعب كحالة بمفردها دون أحكام عامة.

 

 

ويستحق لاعبو النوع الثالث مزيدا من التكريم والتقدير لأنهم واصلوا البقاء رغم معاناة كثيرين منهم.. ومنهم من جاءتهم عروض وإغراءات أكبر من تلك التى بسببها رحل كثيرون غيرهم.. وأجمل ما فى لاعبى النوع الثالث أنهم لا يصرخون ولا تتوالى مطالب لهم أو شكاوى.. ولا يلقون الاهتمام الذى يلقاه كل من يرحل.

المقال / ياسر ايوب 

المصرى اليوم

 

التعليقات