زيارة الحكيم ودور العراق إقليميا وعربيا

زيارة رئيس تيار الحكمة العراقى عمار الحكيم الأسبوع الماضى لمصر تأتى فى سياق متصل مع تبادل مكثف لزيارات على مستوى وزراء وكبار مسئولين بين القاهرة وبغداد منذ 2021.

الأمر الذى بات مؤكداً أن الانتخابات التى أسفرت عن تولى شياع السودانى رئاسة الوزراء، بعد أن كان هناك اتفاق ألا تتجاوز ولايته سنة واحدة يتم خلالها تشريع بعض القوانين المهمة، مثل قانون النفط والغاز، تعديل قانون الانتخابات، يعقبه إجراء انتخابات برلمانية، أقرت حكومة السودانى ميزانية معتبرة لثلاث سنوات فى تأكيد على استمرارية هذه الحكومة وإكمال مدتها المقررة قانوناً بأربع سنوات.

فى المقابل منذ 2021 تبنت السياسة الخارجية لدول المنطقة المؤثرة على رأسها مصر والسعودية سياسة نشطة تعزز عودة العراق إلى جذوره الطبيعية العربية. كثافة هذا الدعم تزايدت مع إعادة رسم علاقة دول المنطقة بالأطراف الإقليمية، بما يعزز الموقف العربى المشترك الهادف إلى خلق علاقات متوازنة مع الدول الإقليمية المجاورة وسط كل الصراعات التى ما زالت تهدد السلام الدولى.

تكوين موقف عربى صلب يفترض بدوره إعادة ترتيب الأوراق ومنها عودة العراق بما يمثله من أهمية موقعه الاستراتيجى ودوره المؤثر فى منظومة الأمن القومى العربى.

بالإضافة إلى أن عودة الاستقرار أمنياً وسياسياً إلى العراق بالتأكيد ستؤهله للقيام بأدوار مهمة فى الملفات العربية الإقليمية.بدوره استقبل العراق هذه الجهود الدبلوماسية بحماس وترحاب شديدين.

الحكومة والكتل السياسية أيقنت عدم وجود أى مسار يكفل استقرار العراق إلا بالاستجابة إلى دعوات الشارع العراقى لإصلاح المشهد السياسى وتنقيته من كل محاولات الهيمنة على استقلال قراره السيادى، الأمر الذى خلق كل التداعيات الكارثية التى توالت على العراق منذ 2003، بعدما وضِع العراق داخل دائرة أطماع قوى إقليمية ودولية.

اتجاه العراق إلى محيطه العربى من شأنه وضع حلول سريعة وجادة لأهم أزماته، على رأسها الملف الاقتصادى الذى ألقى بظلاله السلبية على معظم القطاعات.

شهد العامان الماضيان إطلاق مجموعة شراكات واتفاقيات تجارية بين مصر والعراق تحديداً فى ملف الطاقة، إعادة الإعمار، والاستفادة من الخبرات المصرية.. هذا التعاون الاقتصادى يحظى بمتابعة كبار المسئولين فى الدولتين.

على الصعيد السياسى أبدت مصر حرصها على لقاء جميع رؤساء الكتل والقيادات السياسية العراقية، حرصاً على تقريب المسافات بينها واحتواء الأزمات التى قد تهدد أمن واستقرار العراق. الدعم الذى يحظى به العراق عربياً -تحديداً من مصر، السعودية، الأردن- يمثل أيضاً استشرافاً لأجواء القبول الشعبى عن الكثير من الإجراءات، خاصة تلك التى تتعلق بمكافحة الفساد على الصعيد الداخلى، ومضى العراق فى مسار إقامة علاقات متوازنة مع جميع الأطراف سواء العربية، الإقليمية، الدولية.عمار الحكيم يمثل طرفاً توافقياً عراقياً وإقليمياً فى المعادلة السياسية.

تربطه صلات وثيقة مع جميع الكتل والأحزاب، إذ يبرز دور الحكيم عند اندلاع الأزمات والخلافات بين هذه القوى، كما حدث مع التيار الشعبى الذى يقوده الزعيم مقتدى الصدر بعد الانتخابات الأخيرة، سرعان ما تصدر دور الحكيم كمفاوض وعامل تهدئة بين الأطراف، إذ غالباً ما تؤدى سياسة احتواء الأطراف المتنازعة التى يتبناها رئيس تيار الحكمة إلى إنجاح مساعيه فى التوسط، خصوصاً أن الضغوط لم تنقطع على شياع السودانى منذ توليه رئاسة الحكومة والبدء فى عدة مسارات إصلاحية داخلياً وخارجياً بما يعمل على إعادة الدور العراقى عربياً وإقليمياً.

المقال / لينا مظلوم 

الوطن

التعليقات