سيناريو كارثي - هزلي لفشل الثورة
ماذا يحدث لك لو انتابك كابوس مزعج، ورأيت ثورة 30 يونيو قد فشلت، فتحت شاشة التليفزيون والقنوات كلها موحدة، وعلامة الإخوان المسلمين تعلو الشاشة: (سيفان ومصحف وكلمة «وأعدوا» تحولت إلى «دولة الخلافة الإسلامية»)!.. والمشاهد تتوالى:
1- تتخبط امرأة تحت «الشادور» بينما يجرها رجل إلى «مصنع الطرابيش» الإنتاج الأهم بعد أن توقفت المصانع لتحريم استيراد المكونات من الغرب «الكافر»: (ما تنساش تروح مكتب الإرشاد تقول لهم على مصاريف المدارس)!.
2- حفل زفاف جماعى لبنات فى التاسعة من عمرهن، و«ياسر برهامى» يتولى عقد القران لمجاهدين.
3- الرئيس «خيرت الشاطر» يستقبل المرشد العام لتنظيم الإخوان العالمى فى العاصمة الفلسطينية «رفح»، والدكتور «يوسف الهضيبى» يفتى بتسليم «طابا» إلى «تل أبيب» مقابل صفقة استيراد غاز طبيعى!.
4 - اليوم الجمعة، الموعد الأسبوعى لإقامة الحد فى ميدان التحرير، التكبيرات تتعالى مع دخول عدد من المناضلين والكتاب والمفكرين والفنانين إلى قلب الميدان، السيوف تتلألأ تحت أشعة الشمس.. الجمهور الحاضر يستغفر الله مما جناه «الزنادقة» فى حق الإسلام.. من تغييبهم الشعب المصرى.. وإلهائه عن الطاعة والعبادة بالعرى والأفكار الهدامة.. مذيع ملتحٍ على شاشة التليفزيون الرسمى: «هؤلاء الزنادقة متهمون بالتحريض على الخروج على الحاكم.. طاعة أولى الأمر من طاعة الله»: تكبييير.
4- الدكتور يوسف القرضاوى، الإمام الأكبر للأزهر الشريف، يعزل مفتى الديار المصرية، لأن المفتى لم يوافق على إعدام عدد من المسئولين رمياً بالرصاص -دون محاكمة- بتهمة الخيانة العظمى!
5- ازدحام شديد بين عربات «الكارو والحناطير»، بعد توقف السيارات والأوتوبيسات ومترو الأنفاق عن الحركة لعدم توفر الوقود.. من بعيد يأتى شاب صارخاً: (يسقط حكم المرشد.. نريد دولة مدنية يحكمها..) تأتيه طلقة مباغتة قبل أن يكمل الجملة.
6- بيان من وزير الداخلية «أحمد المغير» يؤكد استمرار حالة الطوارئ، ويحذر بالجلد فى حالة كشف النساء وجوههن أو قيام الرجال بحلق اللحى أو تقصير الجلابيب، ويوجه إنذاراً أخيراً للأقباط للدخول فى الإسلام بعد أن أهدر شيخ الأزهر دماءهم وتحولت الكنائس إلى «كتاتيب» لتحفيظ الأطفال القرآن.
7- منظمة «اليونيسكو» تدين هدم الأهرامات، وتطالب المجتمع الدولى بفرض عقوبات اقتصادية على مصر بعد تحطيم «أبوالهول»، كما تدعو اليونيسكو لتشكيل بعثة تفتيش دولية لإنقاذ محتويات المتاحف المصرية.
8- نزوح كبير من نيجيريا إلى مصر بعد تسلم حركة «بوكو حرام الإسلامية» لمقر «جامعة الدول العربية وإقامة قاعدة عسكرية بمدينة «الضبعة».
9- «عزة الجرف»، مستشارة الرئيس لشئون المرأة، تؤكد مجدداً أن تحديد النسل حرام، وأن ختان الإناث واجب شرعى، وأن دور المرأة فى فراش زوجها وإمتاعه، أما «الجهاد الأكبر» فهو تطوع النساء للمجاهدين بالنكاح حتى يكتمل المد الإقليمى لدولة الخلافة الإسلامية.
10- رجل عجوز يجلس على الرصيف المواجه لـ«مجلس شورى الفقهاء»، «مجلس الشعب» سابقاً، يتمتم بحسرة: «كان نفسى أزور (الحسين) وأدعى لمصر، بس قفلوا مساجد آل البيت بحجة منع التشيع، كان نفسى أقتل ابنى لما هتف (يسقط حكم العسكر) قبل ما يتخلى عنا الجيش وتضيع البلد»!.
«خارج النص»: الشعب الذى نسى طوابير البنزين والعيش وأنابيب الغاز، وقطع الطرق بمظاهرات الإخوان.. ألا تدركون درجة الاستقرار السياسى والأمنى والاقتصادى التى تحققت بعد عام من ثورة 30 يونيو؟
هذا السيناريو الكارثى الذى كتبته بسخرية مريرة لم يحدث، لقد نجحت 30 يونيو وعادت مصر المدنية لشعبها، لكنه «الحلم» الذى يجمع مئات الآلاف من العملاء الخونة المتاجرين بالأوطان، ممن تظهر أعدادهم بوضوح على السوشيال ميديا، من خلال لجانهم الإلكترونية.. هذا السيناريو فشل يوم أن «تمرد الشعب» وانحاز له جيشه.. ولولا شهداء القوات المسلحة والشرطة خلال العشر سنوات الأخيرة لما استقر.. فلا تنسوا (بديع، مرسى، القرضاوى، المغير، الشاطر) هؤلاء غيروا جلدهم وبدلوا أسماءهم وحصلوا على جنسيات جديدة لكن «العدو» لم يتغير: فتذكروا جيداً ما كنا فيه.. فهناك من يراهن على إفشال النظام أو إسقاط الدولة.. وهذه معركتنا المستمرة.
المقال / سحر الجعارة
الوطن