عن «المصالحة».. مسافة بين السماء والأرض

لا تكل ولا تمل جماعة «الإخوان» الإرهابية عن إقحام اسمها القبيح حتى دون أى مناسبة، بعد ما أصبحت كالداء المعدى.. منبوذة من الدول حتى تلك التى لها سابقاً فرص اللجوء إليها، أدركت أن الرهان على جماعة حكم عليها الشعب المصرى بالإقصاء يوم 30 يونيو هو مغامرة كتب لها الفشل، حيث تكمن مصالحها فى علاقات راسخة مع دول مستقرة أمنياً واقتصادياً، فأنهت وجودهم على أراضيها ولم يعد هناك من يستوعب أكاذيبهم المسمومة وخداعهم سوى بريطانيا.

المثير للدهشة أن الجماعة تستدعى فى محاولاتها اليائسة تعبير «المصالحة»، وهو معنى لو تم تشريح مقوماته لن يسرى أى منها على حالة «عصابة البنا».

هناك مثل أجنبى معروف عن وجوب وجود شخصين لأداء رقصة «التانجو»، بينما واقع الأمر على الأرض يؤكد وجود حالة إجماع شعبى على رفض التعامل مع من حملوا السلاح وأراقوا دماء المصريين، ما يفرض استحالة قبول المجتمع هؤلاء القتلة لمشاركتهم الرقصة.حتى الأحزاب والقوى الوطنية المشاركة فى الحوار الوطنى على اختلاف توجهاتها أعلنت موقفها الواضح حول ضرورة استبعاد جماعة تلطخت أيديها بدماء المصريين من المشاركة فى الحوار حفاظاً على الإجماع الوطنى فى مواجهة جماعة الإرهاب.

فى كل بيت مصرى هناك ثأر مع من تلوثت أيديهم بدماء الشهداء سواء من الجيش، أو الشرطة، أو حتى الضحايا من المدنيين.. ثأر مباشر عند من فقدوا أحد أفراد أسرهم على يد جماعة لا ترتوى من دماء المصريين.. أو حتى غير مباشر نتيجة ضرر أصاب أعداداً كبيرة من الأسر وتأثير الانتكاسة الشديدة التى أصابت قطاع السياحة نتيجة حالة عدم الاستقرار التى توالت على مصر منذ 2011 ولمدة 3 سنوات، بالإضافة إلى خسائر القطاعات الاقتصادية المختلفة، بالتالى حددت القيادة السياسية أولوية البدء بخطوات الإصلاح السياسى كضرورة عاجلة لإنقاذ مصر.. وهو ما حدث فعلاً حين بدأت مصر عودتها إلى الاستقرار.

منذ عام 2013 غاب عمن يضعون أنفسهم فى مناصب القيادات الإخوانية أن اختيار التفجير والترويع وسفك الدماء هو صفقة كاملة عليهم تحمُّل تبعاتها والرضوخ لشروطها، أولها الخروج من ساحة المشاركة فى أى مسار سواء سياسى، أو دعوى، أو مدنى.

رفض الشارع المصرى القاطع أيضاً يشمل الخوف من سعى الإخوان للانتقام -وهو أحد أسلحتهم المفضلة- من المجتمع والشعب الذى أقصاهم.. خصوصاً أن معركة الإخوان لم تعد قاصرة ضد طرف واحد أو جهة بعينها بعدما اختاروا رفع السلاح ضد كل المصريين وخلق حالة عداء مع جميع مؤسسات الدولة، سواء كانت قانونية، إعلامية، أمنية وغيرها.

كل الأدلة والدلائل منذ نشأة الجماعة عام 1928 تثبت بالوقائع أن تاريخها لم ولن يسمح بتحقيق المصالحة مع أى طرف، إذ يفرض هذا المصطلح الشراكة مع الآخرين، بينما هى تطرح نفسها فى خداع البعض كبديل يمارس الانفراد الكامل على كل مقاليد السلطة دون السماح لأى مساحة مشاركة مع أطراف أخرى، لعل أبرز الأمثلة القريبة التى تؤكد أن الجماعة لا تعرف ولا تعترف بالمصالحة كى تطلبها، مشهد التنوع السياسى الذى ازدانت به جلسات الحوار الوطنى والرؤى المختلفة التى طرحت.. حالة ديمقراطية لا تدخل ضمن أدبيات الجماعة التى تعتنق مذهب السمع والطاعة المطلقة لرأى المرشد.

أخيرا.. كل الشواهد المنطقية تشير إلى أن محاولة تشبث جماعة منبوذة بأى فرصة حتى وإن كانت تتقاطع مع عقيدتهم لن تخرج بمن يحاولون التلميح بها عن دائرة العبث والمراهقة السياسية.

 

المقال / لينا مظلوم

الوطن

التعليقات