أوصال موسكو التى ارتعدت

مازالت تداعيات التمرد الذى لم يكتمل لقوات فاجنر تتوالى، ولا أظن أن الأنباء ستخمد فجأة لمجرد عودة رجال بريجوجين إلى قواعدهم وصرف النظر عن التوجه إلى موسكو. نشرت صحيفة تليجراف اللندنية أن تقريراً من المخابرات البريطانية ورد إليها يفيد بأن الأسباب الحقيقية لتوقف الزحف الذى قامت به أرتال المدرعات نحو العاصمة الروسية لم يكن بسبب صحوة ضمير أو وساطة قادها الرئيس البيلاروسى، ولكن سببا أهم هو الذى دعا إلى التوقف المفاجئ وإلغاء العملية. صحيح أن توسط لوكاشينكو كان مفيدا لكن فائدته تعلقت بصياغة بنود اتفاق حقن الدماء وليس القرار نفسه. السبب الفعلى وفقا لصحيفة التليجراف هو قيام جهاز المخابرات الروسية بإيصال رسالة حادة كشفرة الموس لبريجوجين بأن عائلات قادة التمرد سوف يتم استهدافهم وسيشاركون فى دفع ثمن جريمة الخيانة التى وقعت من ذويهم.

هذا التهديد كان له الأثر الأكبر فى إعادة الحسابات وتبريد الرؤوس الساخنة للمتمردين. وأما عن السبب الأساسى للعصيان ومحاولة فرض الإرادة على سيد الكرملين، سواء بعزله من السلطة أو بإرغامه على تغيير وزير الدفاع ورئيس الأركان، فهو أن أحد معسكرات فاجنر الخلفية داخل الأراضى الأوكرانية قد تعرض للقصف بصاروخ من طائرة روسية، مما أدى إلى مصرع أكثر من ثلاثين من مقاتلى الجماعة، وهو الأمر الذى أثار جنون بريجوجين ورجاله ودفعهم إلى اتخاذ قرارهم المتهور وقيامهم بالسيطرة على مدينة روستوف ومطارها ومعسكراتها.. ليس هذا فقط لكن فتحوا النار على الطيران الروسى وأسقطوا عددا من المروحيات وطائرات النقل!. وقد توضح هذه الخشونة والعنف فى رد الفعل مدى الحنق الذى شعر به مقاتلو فاجنر، وهم الذين لا ينقصهم الحنق نحو الجيش الروسى وقادته.

 

 

وربما تُلقى الصورة الميدانية للجبهة التى تتواجد بها قوات فاجنر الضوء على سوء العلاقة بين فريق المرتزقة وبين قادة الجيش الروسى، حيث تكررت شكوى بريجوجين مرارا أثناء حصار باخموت من نقص الذخيرة والطعام وأن وزير الدفاع ورئيس الأركان يتركان جنوده دون دعم وهو الأمر الذى جعله يفقد نحو عشرين ألفا من رجاله فى هذه المعركة. وعلى صعيد آخر يمكن تصور موقف وزير الدفاع شويجو ورئيس الأركان جيراسيموف وهما يتعرضان للسباب من رجل يُفترض أن يحارب تحت إمرتهما فإذا به يسعى ليحوز نفوذا مماثلا لما لهما استنادا إلى علاقة خاصة ربطته بالرئيس بوتين.. هنا يكمن الخلل الذى جعل كبار رجال الجيش الروسى يتعرضون للإهانة على يد طباخ بوتين الذى صارت له عضلات عسكرية دون أن يتمكنوا من لجمه ومحاكمته، وقد يكون هذا الشعور بالمهانة سببا فى قصف معسكر فاجنر وقتل رجاله. صحيح أن الجيش الروسى نفى بشكل رسمى أن يكون مسؤولا عن هذا القصف، لكن الجميع يعرف الحقيقة!. وليس من شك أن مرور الوقت سيكشف مزيدا من الحقائق عن حالة تنظيم فاجنر وعلاقته بالدولة الروسية ومدى خطورته التى ارتعدت بسببها أوصال موسكو!.

المقال / اسامة غريب 

المصرى اليوم

 

التعليقات