فى الجُب العميق
فى مطعم شعبى بشارع شبرا جلست أتشمم روائح الطعام التى تأخذ اللب. المطعم صغير فى المساحة ويضم أربع طاولات فقط، وهو متخصص فى الطبيخ والطواجن التى ترُد الروح. والغريب أنه رغم جودة طعامه فإنه لا يبالغ فى الأسعار كما يفعل غيره، وبصراحة لقد أسعدنى أنه غير مشهور حتى لا يقتحمه كل من هب ودب فيفسده علينا. ونظرًا لضيق المكان فقد شاركنى المائدة رجل بجلباب تبدو على وجهه علامات الطيبة، لم يتردد فى فتح حوار عن الأكل ومدارسه والمطاعم وأنواعها. طلبت زوجًا من الحمام المشوى وطلب رفيق المائدة طاجن بطاطس باللحم، وطاجن عكاوى مع شوربة وأرز وسلاطة. فى انتظار الحمام جلست أرقبه وهو يترك الأكل كله ويُقبل فى تلذذ على طبق الأرز بالشعرية. كان يأكل ويضحك ويلقى النكات فى نفس الوقت. لاحظت أنه يأكل أرزًا فقط.. لا يضيف إليه الطبيخ ولا اللحم ولا السلاطة، حتى الشوربة أهملها وانكفأ على الأرز المفلفل. بعد أن أفنى الطبق طلب واحدًا آخر. انشغلت بتناول الحمام الذى وصل، لكنى عاودت مطالعة الرجل فوجدته بدأ يمزج اللحم والخضار بالأرز، وكان واضحًا أنه يقضى وقتًا سعيدًا. قلت له: رأيتك تأكل الأرز فقط..