«مارك وإيلون».. والمعضلة الأخلاقية

ما إن قرر «إيلون ماسك» -مالك «تويتر»- فرض ممارسات احتكارية على رواد «تويتر»، وهم فى أغلبهم سياسيون ومثقفون إلى جانب نجوم الفن والرياضة والمجتمع وملايين الشباب من مختلف أنحاء العالم، حتى بدأت حالة التربص بينه وبين جمهور الموقع، والتى تبلورت فى غضب عارم من تحديد إيلون لعدد تغريدات معينة لكل مغرد، هذا بعد قراره «المادى» بحذف علامة التوثيق الزرقاء من ملايين الشخصيات العامة وجعلها مقابل نحو 400 جنيه مصرى شهرياً.

لم يتوقع «ماسك» أن مالك فيس بوك، الموقع الأشهر للتواصل الاجتماعى، يعد له مفاجأة من العيار الثقيل، أطلق مارك زوكربيرج الشبكة الاجتماعية «ثريدز»، المنافسة.. والتى جاءت كهجين يجمع مميزات إنستجرام وتويتر وتيك توك.. المعركة بدأت لإرضاء طموحاتهما الشخصية، ويبدو أن الرئيس التنفيذى لشركة «ميتا» يتقدم فيها.

وحتى قبل إطلاق هذا التطبيق الجديد الذى يسعى إلى منافسة تويتر، كان التوتر بلغ أشدّه بين رائدَى الأعمال بعدما تحدّى ماسك علناً زوكربيرج فى مباراة لفنون القتال المختلطة بنهاية يونيو.مجازاً يمكن القول إنها معركة «تكسير عظام».. وخلافاً لعاداته حاول زوكربيرج أن يلجأ إلى الدعابة للسخرية من إيلون ماسك لمناسبة إطلاق «ثريدز»، المنصة التى وصل عدد مستخدميها إلى مائة مليون مشترك فى أقل من خمسة أيام.

ورد زوكربيرج برمز تعبيرى يُظهر وجهاً ضاحكاً على منشور لسلسلة الوجبات السريعة «ونديز»، التى اقترحت عليه أن ينظم رحلة فضائية «فقط لإزعاج» ماسك، الذى يشغل أيضاً منصب رئيس شركة «سبايس إكس» الفضائية.

وانتقد زوكربيرج علناً تويتر لعدم تمكنها، على حد قوله، من الحفاظ على أجواء إيجابية فى المنصة، وهو ما يَعد بالسعى إلى تحقيقه فى «ثريدز».ثم لجأ ماسك إلى مختلف الوسائل المتاحة له، فهدد «ميتا» بملاحقتها قضائياً لانتهاكها حقوق الملكية الفكرية، من خلال توظيفها أشخاصاً كانوا يعملون سابقاً فى تويتر، وهو ما نفته «ميتا»، ومن ثمة وجّه ماسك سهامه ضد «ثريدز» عبر تويتر.

وبدهاء شديد أدخل «إيلون ماسك» رواد تويتر طرفاً فى الصراع، حيث بدأ يغرد حول «الحرية المطلقة» على منصته وهو يعلم تماماً أن فيس بوك يفرض قيوداً شديدة على النشر، خاصة ما يتعلق بالسياسة والدين.. لكنه فى المقابل تعامل كمحتكر جشع، وهو ما وصفته المحللة كارولينا ميلانيسى، قائلة: «إنّ الانجذاب للربحية مسألة يمكننى فهمها، لكن فى حالة تويتر ثمة رجل ثرى هاجسه نفسه، وقيمه الأخلاقية دنيئة».

المؤكد فى هذه الحرب الشعواء بين أثرياء العالم أن المجال الأكثر جذباً للاستثمار فى هذه المرحلة هو الذكاء الصناعى والسوشيال ميديا، وأن العالم الذى أدمن البقاء على منصات التواصل الاجتماعى نصف وقته تقريباً قد تعايش مع وجود خصومه بل وأعدائه فى نفس المكان، وقرر أن يرضخ لأى شروط مادية أو رقابة، المهم ألا تُحجب عنه.

السؤال الآن: هل أصبحنا نحن أنفسنا «سلعة» تحقق التفاعل والمشاهدات المليارية لأى محتوى لتجلب الإعلانات لصاحب المنصة.. أم أصبحا ندار بريموت كنترول مبهم تسلل إلى عقولنا وهيمن علينا؟

فيلم المعضلة الاجتماعية أو المأزق الاجتماعى The Social Dilemma‏ وهو فيلم دراما وثائقية أمريكى أُنشِئ فى عام 2020 من إخراج جيف أورلوفسكى.

يستكشف صعود وسائل التواصل الاجتماعى والأضرار التى سببتها وتُسببها للمجتمع، مع التركيز على استغلالها لمستخدميها لتحقيق مكاسب مالية من خلال رأسمالية المراقبة والتنقيب فى/عن البيانات، وكيف يهدف تصميمها إلى تنمية الإدمان، واستخدامه فى السياسة، وللتأثير على الصحة العقلية (بما فى ذلك الصحة العقلية للمراهقين وارتفاع معدلات انتحار المراهقين)، ودورها فى نشر نظريات المؤامرة ومساعدة الجماعات مثل أصحاب الأرض المسطحة وسيادة البيض.

وقد وصف مارك كينيدى من «إيه بى سى نيوز» الفيلم بأنه «نظرة مفتوحة على الطريقة التى تم بها تصميم وسائل التواصل الاجتماعى لخلق الإدمان والتلاعب فى سلوكنا، كما أخبر بذلك بعض الأشخاص الذين أشرفوا على الأنظمة فى أماكن مثل Facebook وGoogle وTwitter»، وقال إنه «سيجعلك» تريد على الفور إلقاء هاتفك الذكى فى سلة المهملات.. ثم رمى سلة المهملات على مسئول تنفيذى فى فيس بوك من خلال نافذته!

المقال / سحر الجعارة 

الوطن

التعليقات