تعظيم سلام
حين سأل مخرج هذا الفيلم عددا من المواطنين المارين عن أسم صاحب التمثال القائم في قلب الميدان لم يعرفوا الاجابة ،لكن واحد عرفه ،كان يرتدي جلبابا، وقال أنه تمثال طلعت حرب ،وانطلق يتحدث عنه بحب واعتزاز فهو في رأيه الرجل الذي يضرب به المثل في حب الوطن في كل الاوقات وفقا لرحلة حياته،وهو ما انطلق منه المخرج سيد سعيد ليقدم فيلما لا ينسي ،عن رجل لا ينسي أسماه (تعظيم سلام ) ومن انتاج المركز القومي للسينما بعد دراسة لتاريخه،ولقدرته علي فتح مسار خاص بالصناعة الوطنية تحول الي نهر تدفق بالخير للجميع. وهكذا رأي الكاتب والمخرج بطله،وقدمه في فيلم وثائقي معجون بالدراما،سواء دراما حياته الشخصية وخروجه من معطف ثورة ١٩١٩ودعوتها لنهضة مصر واكتشافه اهمية الاقتصاد بعد تخرجه من الجامعة وقراره بتأسيس بنك وطني بعدما رأي ماذا تفعل البنوك الاجنبية المسيطرة في هذا الوقت ، ودعوته الي اقامة بنك مصر،واستجاب المصريون لدعوته وساهموا فيه ،وتوالت المشروعات بعده من شركات للقطن الي الغزل والنسج الي الحديد الي شركة للانتاج السينمائي لدرجة اقلقت سلطات الاحتلال الانجليزي وقتها الذي استغل قدوم الحرب العالمية حجة للاضرار بهذه المشروعات والبنك ،وضحي طلعت حرب بنفسه ليبقي مشروعه ،وقال كلمته الشهيرة(فاليذهب طلعت حرب ،وليبقى بنك مصر ) عام١٩٣٩ويرحل بعدها بعامين ،وليقدم الفيلم ما حدث في دائرة اوسع تفسر مايحدث في العالم من تحالفات دول كبري تسعي الي اضعاف غيرها ،خاصة في منطقة لها اهميتها ،وبلاد قادرة علي النهضة ولها سوابق متعددة كمصر ومشروعاتها النهضوية منذ ايام محمد علي ،استطاع الفيلم توثيق قضية وطن ،وقضية رجل مهم،وقضية ثالثة هي شحن الذاكرة الجمعية بهذا النوع من القضايا والافكار التي تؤثر في الاجيال المتوالية من ابناء مصر ،واكتب هذا الان لعدة اسباب ،،اولها تحية لروح الكاتب والمخرج سيد سعيد الذي رحل عن عالمنا في مثل هذه الايام منذ اربعة سنوات (٢٠١٩) ،وثانيها هو البحث عن هذا الفيلم وافلام اخري عديدة عن شخصيات مصرية هامة انتجها المركز القومي للسينما في مصر ولم تعد تعرض الان ،وكذلك افلام انتجها التليفزيون المصري ،واغلبها بالمناسبة افلام تسجيلية قصيرة اخرجها كبار مبدعي هذه النوعية من الافلام مثل سعد نديم وفؤاد التهامي وعلي الغزولي وحسام علي واحمد راشد وعطيات الابنودي وايضا سعيد مرزوق وخيري بشارة وداوود عبد السيد وغيرهم ،اين هذه الافلام التي لابد وان تعرض الان ليراها كل الاجيال في اطار معركة الوعي التي نواجهها ،ومعارك التشكيك في قدراتنا التي يمارسها اعداء وطامعين من خلال الشبكة العنقودية ، ولماذا لا تعرض هذه الافلام علي اي قناة مصرية ،ولماذا لا تضعها قناتنا الوثائقية الجديدة ضمن خريطتها ،خاصة ان عددا غير قليل من هذه الافلام كان عن حرب اكتوبر وابطالها ،وها هي الذكري الخمسين لهذه الحرب المجيدة تقترب .فهل من مجيب .