«كخة» و«بحة» وبنك المعرفة

فى ضوء التصرف المقيت الذى بدر من لاعب كرة قدم تجاه زميل له، وفى ضوء ردود فعل الكثيرين من «المثقفين» و«المتعلمين» ممن لا يرون فيما اقترفه الأول ما يستدعى الغضب الشديد حيث «عادى بتحصل»، وفى ضوء تصالح أولياء الأمور التام والكامل والشامل مع منظومة «السنتر» والدرس الخصوصى بل ودفاعهم المرير عن بقائها، وفى ضوء شيوع إيمان شعبى عميق بأن أى مظهر دينى على اختلاف درجات سطحيته أو عمقه أهم ألف مرة من الأخلاق والسلوك، وفى ضوء استمرار منظومة ضخ العيال بلا هوادة وسيلة لكسب الرزق وتنمية رأس المال حتى لو كانت الخطة تدريبهم على التسول على النواصى وفى الإشارات وفى ضوء قائمة طويلة من تفاصيل ما يجرى حولنا فى حياتنا اليومية وما يهيمن على فكرنا من أولويات وما يوجه آراءنا ومواقفنا من معتقدات يدعونا ويدفعنا ويجبرنا على البحث فى مصادر معارفنا والتعرف إلى المناهل التى نغترف منها ما يشكل ثقافتنا. لذلك، أدعو أو أقترح على المهتمين والمسؤولين إجراء قياس حقيقى يمثل كل المصريين لمعرفة التالى:

 

ما نسبة من يعرف بوجود شىء اسمه «بنك المعرفة المصرى»؟ وبين النسبة التى تعرف، ما نسبة من يستعين به مرة أو عشرة أو دائم الاستعانة؟ وبين من يعرفون بوجود البنك لكن لم يفكروا- ولو من باب حب الاستطلاع- فى معرفة ما يحتوى عليه، ما الأسباب التى تمنعهم عن التجول فيه؟ وبين من يستعينون به، ما تقييمهم أو وصفهم للتغيير الذى طرأ على معارفهم؟ يظن البعض- بمن فيهم زملاء وزميلات صحفيون- أن بنك المعرفة هذا حكر على الطلاب وربما الأساتذة، أو أنه بمقابل مادى، أو أنه غير ذى فائدة. والحقيقة أن كلمة معرفة بالغة الرقى. المعرفة تختلف عن المعلومات وليست كلها تعليما وشهادات. هى خليط من الإدراك والمعلومة والتعلم. هى تراكم لا يحدث بين يوم وليلة. كما أنها لا تتطلب سنا أو فئة اجتماعية أو اقتصادية معينة.

 

 

المعرفة تصنع وعيا وتمد صاحبها الباحث عنها بملكة التفكير النقدى. وحين يشترط منك أحدهم أن تردد «آمين» كلما أمدك بمعلومة، فاعلم أنه «يلقنك» لكنه لا يسعى إلى تزويدك بالمعرفة. بنك المعرفة المصرى- هذا الإنجاز المصرى الخالص- فى رأيى يتعرض لظلم بالغ. لماذا؟ لأنه لا يحظى بالقدر الكافى من اهتمام «الجمهور المستهدف»، ألا وهو عموم المصريين. بنك المعرفة المصرى ثروة ثقافية وعلمية وأدبية فى كافة العلوم الإنسانية والعلمية والتقنية، لكل الأعمار، ولكل الفئات. وهو فعليا متاح بدقة زر. هذه الهواتف التى تراها ملتصقة فى أيدى ملايين المصريين يتابعون ما قاله «بحة» لـ«كخة»، وكيف شتم «كخة» «بحة» بأمه وأبيه، أو ما فعله التيك توكر المشهور أو ما اقترفه اليوتيوبر الملعون. الأداة متوفرة، لكن الرغبة تعانى أنيميا شديدة، رغم أنها قادرة على إحداث الفرق فى العقل المصرى.

المقال / امينة خيرى 

المصرى اليوم 

 

التعليقات