«بايدن».. واختبار العمر
من الناحية العقلية ما زالت الشكوك حول أهلية الرئيس الأمريكى جو بايدن للاستمرار فى فترة حكم ثانية قائمة. خاصة بين خصومه فى الحزب الجمهورى، بينما يسعى «بايدن» إلى إعادة انتخابه لولاية رئاسية ثانية خلال انتخابات عام 2024. فيما توجد مساعٍ حثيثة من الحزب الجمهورى لعزله، حين لمحت عضو الكونجرس الأمريكى «مارجورى تايلور جرين» عن تصويت مرتقب على الشروع بإجراءات عزل الرئيس الأمريكى جو بايدن، وأكدت أنه «سيتم التصويت على فتح هذا التحقيق لعزله». يعتقد «بايدن» أنه كلما كبر فى السن ازداد حكمة، وهو ما أكده خلال كلمة ألقاها أمام النقابات العمالية فى مدينة فلاديلفيا بمناسبة عيد العمال.
سيخوض «بايدن» غمار الانتخابات المقبلة رغم الانتقادات الكبيرة التى يتعرض لها، من منطلق قطع الطريق على المرشح الجمهورى «دونالد ترامب»، لكن السؤال هل يستطيع «بايدن» تسيير أمور الولايات المتحدة الأمريكية فى فترة رئاسية ثانية؟.
لو نظرنا لشعبية الرئيس الأمريكى سنجد أنها فى أدنى مستوى وتقارب 40%، لكنه يراهن على إصلاحات اقتصادية جيدة لمواجهة التضخم التى لاقت استحساناً، مثلما لاقى قانون تقييد حيازة الأسلحة، ويعول «بايدن» أيضاً على غياب اسم كبير يمثل الحزب الديمقراطى فى الترشح للانتخابات، وهو ما يفسره التصريحات المثيرة لمسئول فى الحزب الديمقراطى التى قال فيها إن الحزب الديمقراطى «أقل ديمقراطية من الحزب الجمهورى، ولهذا السبب تمكن (ترامب) من الترشح والفوز فى انتخابات 2016 رغم أنه غير جمهورى بالأساس. ولا يمكن أن يحدث سيناريو مماثل داخل المعسكر الديمقراطى الصارم فى قيوده وآلياته..»، ويضيف المسئول الديمقراطى: لم ينقلب أحد ضد قيادة «نانسى بيلوسى» فى مجلس النواب لسنوات طويلة، بعكس ما يحدث فى الجانب الجمهورى الذى يغير قيادته باستمرار. فخليفة بيلوسى «حكيم جيفريز» لم ينافسه أحد، ولم يتجرأ أى نائب ديمقراطى على رفضه، وهو الحال مع ترشح «بايدن» الرئاسى، ولا يجرؤ أحد على الخروج عن النص الحزبى. إن هذا يفسر عزوف الكثير من القيادات فى الحزب الديمقراطى التى لديها طموح رئاسى فى الترشح للانتخابات التمهيدية أو إعلان تحديها للرئيس «بايدن». لكن «بايدن»، البالغ من العمر 80 عاماً، يعد أكبر رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة، ومن المرجح أن يواجه تساؤلات حول عمره خلال الحملة الانتخابية، وسيصبح فى الـ86 عاماً بعد الانتهاء من فترة ولاية ثانية كاملة عام 2029. ورغم القلق الكبير من عمره، وافتقاده أحياناً اللياقة الذهنية اللازمة لممارسة مهامه الرئاسية، وهو ما يقلق جانباً كبيراً من الديمقراطيين، لم يتقدم أحد لمنافسة الرئيس «بايدن»، فضلاً عن ضعف المعسكر الديمقراطى، وضعف تمثيل اليسار الأمريكى، وبروز شخصيات ليس لها وزن سياسى كبير مثل روبرت كيندى جونيور، كلها عوامل جعلت من ترشح الرئيس «بايدن» أفضل خيار فى مواجهة الحزب الجمهورى، وربما فى مواجهة دونالد ترامب الذى لا يزال مصيره الانتخابى مجهولاً بعد اعتقاله وخروجه بكفالة، وما زالت تنظر قضايا كثيرة ضده أمام المحاكم.
ربما تكون العقبة الرئيسية أمام «بايدن» فى خوض الانتخابات لفترة ثانية هو قضية العمر، هناك قلق بالغ وواضح داخل الحزب الديمقراطى ويتزايد النقاش حول عمره والمشاكل الصحية التى يمكن أن يواجهها، خاصة كلما خرج منه تصريح يظهر ضعف ذاكرته، أو سقط على الأرض متعثراً، كما حدث أكثر من مرة، سواء على سلم الطائرة أو خلال مؤتمراته الصحفية، أو كما حدث فى قمة مجموعة السبع فى اليابان قبل شهور قليلة، ومن المخاوف التى تطال «بايدن» بشأن عمره، هو أن يتعرض خلال حكمه للوفاة أو السقوط مريضاً بدرجة تُعجزه عن أداء مهامه. وهناك قلق كبير غير معلن داخل الحزب من أن «يسقط بايدن خلال فترة حكمه»، وهو ما سيؤثر على الولايات المتحدة والعالم أجمع. ولو حدث هذا ستتأثر الأسواق المالية والاقتصاد العالمى، وتهتز مكانة الولايات المتحدة فى العالم. لقد دخلت هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة عن الحزب الديمقراطى للرئاسة، أمام «ترامب» فى انتخابات 2016، على خط التعليق على عمر «بايدن»، قائلة إنه من حق الناخبين أن يقلقوا. ففى مؤتمر عُقد فى واشنطن، علقت «هيلارى» على تعثر «بايدن» خلال قمة مجموعة السبع فى اليابان بأن: «عمره (بايدن) مشكلة، ولدى الشعب كل الحق لكى يقلقوا بشأنها». فهل يخضع «بايدن» لحكم السن؟ أم ينتظر نتائج الصندوق كى تقول كلمتها الأخيرة؟
المقال / جيهان فوزى
المقال