عالم خاص جدا

وتمر الأيام والاسابيع والشهور وتتغير اللغة التى تحدثنا بها فى اول لقاء واول معلومة واول تأكيد انك معى داخل رحمى تعيش وتنمو و يزدادوزنك وتطول اطرافك ويصبح لديك وعى بما اعيشه وما يدور حولى من احداث وتشاركنى كل شئ من طعام او شراب وحتى الضحكاتوالدموع والأفراح والألم والقبلات الدافئة لك وحدك حتى يحين وقت اللقاء الحقيقى والتقطك من بين ايديهم لاهمس لك ها أنا ومرحباً بك في عالمي الخاص جداً.

ويبدو أن هناك أمهات لم ينفصلوا عن أبنائهم بعد ولادتهم كما لو كان الأطباء قد عجزوا أو فشلوا فى قطع الحبل السري الذي يربط الأم بالمولود، فيظل الإحساس المتبادل فيما بينهم، وكأنهم داخل الارحام لم يغادروها ولو للحظات.

ومن الطريف أن الثقافات الغربية فى اختلافها معنا فى الكثير من الامور تنظر للحبل السرى بطريقة مختلفة تماما، حيث تتعلق أهميته لديهم بشكل أساسي أنه من المفروض أن يقوم الاب بقطعه بعد الولادة فى بعض البلدان والتى يحضر فيها الأب تلك اللحظات كداعم للأم.

ويعتبرون قطع الحبلالسرى رمز الى كسر الرابطة بين الام والطفل، فيما تحتفظ الامهات اليابانيات بالحبال السرية الجافة لاطفالهن فى صندوق خشبى خاصلانه يمثل لهن رمز ارتباط ابدى لا ينتهى وحظ سعيد للمولود ان يبقى لديه.

أما في الجنوب المصري فالأمر يختلف قليلاً حيث تصر عجائز العائلات على الاحتفاظ بتلك القطعة الجافة داخل حجاب يضعون فيه بعض من الحبوب التى يعيشون عليها ويعتمدونها فى طعامهم ويفسرون ذلك بأنه يمنحه الحظ والعمر الطويل والرزق الوفير، ويغنون له في سابع أيام ميلاده، ويرقصون احتفالاً بملكيته الجديدة لحجاب الحظ.

إلا أن النظريات العلمية والطبية لها رأى آخر ونظرة مختلفة فوفقاً لمواقع belly belly ى marchofdimes فإن هذا الرباط يبدأفى التكون فى الاسبوع الخامس من الحمل ويحتوى على ثلاثة اوعية دموية شريانين ووريد واحد، ينقل الوريد الاكسچين والمواد المغذية منالمشيمة التى تتصل بإمداد دم الام الى الطفل بينما ينقل الشريانين الفضلات الى دم الام للتخلص منها عن طريق كليتيها.

كما أن لدى أنسجة ذلك الحبل الكثير من الإمكانيات، حيث يحتوى على خلايا جذعية لديها القدرة على التجدد والتحول إلى أنواع مختلفة من الخلايا، مثل الغضاريف والعظام والدهون والعضلات، وهذا يعني أن أنسجة الحبل السري لديها القدرة على علاج حالات أكثر من الخلايا الجذعية بدم الحبل السري.

وبعيدا عن العلم والتقاليد والثقافات المختلفة تظل علاقة الام والابناء حقل كبير لعلم النفس والاجتماع خرجت منه العديد منالنظريات لعل اهمها واكثرها شيوعاً نظريات التعلق والذى عرف مفهومه عند الاطفال عبر مئات السنين فى اواخر القرن التاسع عشر وما بعده، حيث قام العلماء بنظريات عن وجود وطبيعة العلاقات المبكرة، فأعطت نظرية سيجموند فرويد المبكرة القليل عن تلك العلاقة، والتي افترضت ان صدر الام هو مصدر الحب ونسب لها علماء نظرية فرويد محاولات الطفل للبقاء بقرب الشخص المألوف له إلى دافع تعلمه منخلال التغذية.

وفى الثلاثينات من القرن الماضى أكد عالم النفس التطورى أيان سون ان احتياج الطفل للعاطفة هو احتياج اساسى لايعتمد على الجوع فقط.

ثم جاء بعده عالم النفس الكندى ويليام بلاتز ليؤكد على اهمية تطور العلاقات الاجتماعية كما اكد ان الحاجة للامانما هى الاجزاء طبيعى موجود فى الشخصية مثل استخدام الأخرين كقاعدة إمان.

وفى عام 1991 ناقش العالم چيروتز كيفية تعزيز الاموالطفل لبعضهما ايجابياً من خلال الاهتمام الايجابى المشترك بينهما وبذلك يتعلمون البقاء معاً وربما يفترض هذا التفسير غير الضروريان الصفات الفطرية للبشر تعزز التعلق.

وحتى لا نتألم فى تلك الحياة وحتى نحتفظ بذلك العالم الخاص جداً فلنلتصق بأمهاتنا ونقترب اكثرواكثر فربما ساعدنا هذا التعلق على اجتياز قسوة الاحداث والايام التى نعيشها الآن.

المقال / خديجة حمودة 

الوطن 

التعليقات