الضعف لا يجلب السلام

في خضم المعركة الدائرة بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلى مدعوما بقدرات حلف الناتو يتم تبادل رسائل متعددة بين واشنطن وطهران. بعضها رسائل شفهية من خلال وسطاء وبعضها رسائل بالنار من خلال هجمات صاروخية بأذرع إيرانية على قواعد أمريكية في سوريا والعراق تتلوها غارات أمريكية على مواقع تلك الأذرع. ويتردد الآن أن تفاهمات قد تمت بين الأمريكان والإيرانيين على خفض التصعيد في الجنوب اللبنانى مقابل انسحاب المارينز الأمريكان وعدم تدخلهم في الحرب البرية داخل غزة. ويلاحظ الآن وجود تراشق سياسى داخل لبنان مثلما يحدث لدى كل اعتداء إسرائيلى على أرض عربية، حيث يتبنى جانب من الشارع اللبنانى منطقا يقول إن تدخل حزب الله في الحرب من الممكن أن يدفع ثمنه اللبنانيون جميعا على الرغم من أنهم ليسوا متفقين بالضرورة مع حزب الله وأجندته، وهؤلاء يؤكدون على حقهم أن يعيشوا في سلام دون أن يكونوا طرفا في القضية الفلسطينية أو في الصراع الإيرانى الإسرائيلى.

هذا الكلام قد يبدو وجيها خاصة أن أصحابه لم يزعموا أنهم مقاومون أو أصحاب قضية، لكنهم يقولون ببساطة: نريد أن نعيش ولا شأن لنا بالسياسة ولا بما يحدث في دول الجوار. لكن مشكلة هذا الرأى الذي يتبناه قطاع من اللبنانيين أنهم يتحدثون كما لو كانت سويسرا هي التي تقبع إلى الجنوب من أراضيهم وأنه يكفيهم أن يسالموها حتى تسالمهم وتمنحهم حُسن الجوار. ينسى هؤلاء الناس الطيبون أن الأردن لم يكن على خلاف مع إسرائيل عام 67 ولكن الخلاف كان مع عبدالناصر، ومع ذلك فقد اجتاح جيش إسرائيل الضفة الغربية واحتل القدس ثم احتل الجولان، وما زال يفرض سيطرته عليها. ينسون كذلك أن إسرائيل كلها قائمة على أرض محتلة تم تهجير أصحابها وارتكاب المذابح ضدهم. ولماذا نذهب بعيدا؟، إن مزارع شبعا هي أرض لبنانية تحتلها إسرائيل دون مسوغ قانونى، فهل لو اختفى حزب الله من الوجود ستقوم إسرائيل بإعادة مزارع شبعا للحمائم اللبنانيين الذين يريدون السلام؟. ما أود قوله هو أن إسرائيل كيان في غاية الشراسة وأنها لن تنفطم طواعية وتمنع نفسها من التهام المزيد من اللحم العربى. ولقد علمتنا التجربة مع هذا الكيان أن الدول العربية لو سالمت إسرائيل على قاعدة إسرائيل القوية والعرب منزوعى السلاح فإن أراضيهم سيتم قضمها تباعا، وما فعلته إسرائيل في الضفة الغربية التي هي باعتراف العالم كله أرض فلسطينية من الاستيلاء على الأرض وبناء المستوطنات ليس خافيا على أحد. يجب وجود جيش لبنانى قوى قبل الحديث عن السلام مع الوحش الإسرائيلى، لكن عندما يكون جيشك بلا طيران أو دفاع جوى أو قوة صاروخية أو دبابات حديثة لا يجب أن تلوم بعض بنى وطنك عندما يعوضون تواطؤ القوى الدولية ضد جيشك وهى التي تغدق على إسرائيل بالأسلحة المتقدمة الفتاكة. بدون القوة لا يوجد سلام!.
 
المقال / اسامة غريب
المصرى اليوم
 
التعليقات