عاش أبطال اللعبات الفردية..
** أعشق كرة القدم، وأستمتع بالصراع فيها، حين يكون الخصمان على نفس القدر من القوة. وفى كرة القدم خطط وتكتيك وإبداع، ومهارات، وشطرنج، لكنى لم أنسَ أبدًا أبطال اللعبات الفردية، هم أبطال بالمعنى الحرفى لكلمة بطولة وبكلمة بطل. هم لا يملكون شهرة ونجومية وأضواء واهتمام لاعبى كرة القدم سواء على المستوى الجماهيرى أو الإعلامى.. وهناك نظرية قديمة ترى أن الإعلام حين يهتم بالألعاب الفردية سوف يصنع شعبية للعبة. ويصنع الأبطال. وهو كلام قديم وما زال يتردد إلى اليوم. من الضرورى بالطبع أن يهتم الإعلام باللعبات الفردية وأبطالهم، وعليه أن يشرح كيف يتدربون وكيف يعانون من مشقة التدريب ومصاعبه، لكن الإعلام لا يصنع شعبية لعبة ولا يصنع أبطالها بالكلام.
** الأبطال يولدون من القاعدة العريضة من الممارسين، والقدوة تصنع الأبطال، وقد حدثت الطفرة الحديثة فى الإسكواش ببطولة الأهرام، تلك الفكرة العبقرية للزميل الراحل إبراهيم حجازى، وحين جذبت اللعبة نجاحات برادة واهتمام الرئيس مبارك، رحمه الله، باللعبة وبالبطولة. وأقول الطفرة الحديثة لأن الإسكواش المصرى له تاريخ طويل منذ احتكر عبدالفتاح باشا عمرو، سفير مصر فى لندن، بطولة بريطانيا المفتوحة 6 مرات فى الفترة من 1930 إلى 1936، وتوالى بعده الأبطال إبراهيم أمين، مثل أبوطالب ومحمود عبدالكريم، وإبراهيم أمين وجلال علام وجمال عوض وعبدالواحد عبدالعزيز والشوربجى وكريم درويش وعمرو شبانة حتى أبطال هذا الجيل.
** تفوق الإسكواش المصرى له أسباب أخرى منها المهارة الفردية والذكاء، ولاعب الإسكواش فى مصر يساوى لاعب كرة القدم البرازيلى حين كانت السامبا سيدة كرة القدم. كل هذا أحاول أن أثبت به أن صناعة الأبطال فى الألعاب الفردية ليس باهتمام الإعلام فقط، ولو كان لدينا 20 مليون لاعب تنس مسجلون فى الاتحاد، لكنا أبطالًا للويمبلدون ونافسنا فيدرر قبل اعتزاله، ونادال والكاراز وغيرهم. ومصانع الأبطال فى الألعاب الفردية مكلفة للغاية.
** وأرجو ألا يظن أحد أن العالم كله كذلك. غير صحيح. فعلى الرغم من قوة كرة القدم وشهرتها وأموالها، يهتم العالم بالأبطال فى كل اللعبات، لأن هناك فهمًا لمدى ما يعانيه البطل كى يحقق بطولته. وهنا أتحدث عن الكثير من نجوم الرياضة المصرية الذين حققوا إنجازات مختلفة فى عدة لعبات، فى تنس الطاولة والكرة الطائرة والإسكواش، وكرة اليد والخماسى والسباحة القصيرة، والسلاح والمصارعة ورفع الأثقال وتنس الطاولة وكرة اليد. وألعاب القوى، والتجديف وسباحة الزعانف والكاراتيه والتايكوندو وكرة اليد وكرة السلة والجودو والرماية، وأرجوكم لاحظوا التنوع، ولاحظوا أنهم أبطال شباب وكبار وسيدات ورجال. هم أبطال من خريجى الحركة الرياضية المصرية، من الأندية ومن القوات المسلحة ومن مراكز الشباب، هم أبطال ربما لا يدرى بهم الكثير من الناس.
** أتحدث عن بسنت حميدة بطلة العدو القصير فى 100 و200 متر، وهى بالنسبة لى كمتابع للرياضة ولألعاب القوى منذ سنوات، لم أكن أظن أن بطلة مصرية سوف تفوز بذهبيتى السباقين فى ألعاب المتوسط. أتحدث عن أبطال الإسكواش على فرج وكريم عبدالجواد ونور الشربينى ورنيم الوليلى ونور الطيب، وغيرهم من أبطال اللعبة الذين جعلوا العالم يدرس جينات الموهبة فى لاعبى الإسكواش المصرى. وسارة سمير وكريم كحلة ومحمد إيهاب ونعمة سعيد وياسر أسامة وغيرهم فى رفع الأثقال، وأحمد الجندى بطل الخماسى، وهنا سبكى رابعة العالم فى التجديف. وفريدة عثمان، ومروان القماش ويوسف رمضان، من أبطال السباحة القصيرة. ومصطفى حسين صاحب ذهبية بطولة العالم للشباب فى المصارعة، ومروان العمراوى بطل العالم فى سباحة الزعانف 3 كيلو مترات. وهنا جودة معجزة تنس الطاولة. ولا أستطيع إحصاء كل الأبطال.
** عندما يحصل سباح مصرى على بطولة الجامعات الأمريكية، فهذا إنجاز حقيقى، لأن الجامعات الأمريكية هى مصانع المواهب. وعندما تفوز فريدة عثمان بذهبية أو برونزية بطولة عالم فهذا إنجاز غير مسبوق،. لكن للأسف هناك فهم مغلوط لمعانى البطولة وللانتصارات.
** إن هؤلاء الأبطال يعانون من مشاق التدريب، ومن الحرمان من كثير من مباهج الحياة، وحوض السباحة وبساط المصارعة وميدان الرماية وملعب السلة والطائرة واليد وقارب التجديف وغيره بالنسبة لهؤلاء النجوم مثل المحراب، يبذلون كل جهد من أجل البطولة والنجاح.
** أعرف أن هناك دولًا متقدمة فى الرياضة، وهى أيضًا متقدمة فى الصناعة والتجارة والزراعة والتكنولوجيا والاقتصاد، وهى دول عظمى،
أعرف أيضًا أننا ينقصنا الكثير جدًا للوصول إلى مصاف دول متقدمة رياضيًا وتحقق ميداليات عالمية وأوليمبية، لكننى أعرف أن الرياضة تحتاج إلى إمكانات هائلة، وأنها ليست ثقافة عامة فى بلادنا، وأعرف أن الرياضة لظروف اقتصادية قديمة جدًا جعلت ممارستها ترفًا للعامة. ومع ذلك كل بطل يرفع راية مصر يستحق التحية، وهم مصريون مائة فى المائة، فلم نبدأ بعد مرحلة شراء الأبطال والمواهب وتجنيسهم والتباهى بهم..
* من صفحته على موقع فيس بوك..