"الشاويش عطية".. تزوج 9 مرات ودخل السينما بعدما هرب من الثأر

الشاويش عطية.. لا تزال الصورة الذهنية لهذا الدور في مخيلة ووجدان الكثير من المصريين، وربما العديد منا لا يعرف الأسم الحقيقي لهذا الفنان الذي جسد ذلك الدور باحترافية شديدة، إنه الفنان رياض القصبجي، والذي نحتفي اليوم الإثنين بالذكرى 55 على رحيله.

وتستعرض "بوابة الحكاية" أسرار من حياة "الشاويش عطية":

هرب من الثأر

«لازم تُهرُب يا ولدي»، قالها والده، وهو يدفعه إلى ترك قريته الصغيرة في مُحافظة سوهاج، خوفا عليه من الثأر، الذي عانت منه العائلة لفترة طويلة.. تِلك الجُملة ربما سمعتها من قبل في فيلم يتناول تِلك القضية، لكن ما أحدثك عنه اليوم واقعًا وليس سيناريو سينمائيا، خرج هذا الشاب من تِلك البلدة التي تنطق "الجيم" دال بحثا عن الحياة..

 كان الفنان «رياض القصبجي» أو الشهير بـ«الشاويش عطية»، الذي ظل طوال طفولته يحلُم بالمدينة، التي ربما تُحقق حِلمه في الوقوف أمام الكاميرات، وعلى المسارح لتحقيق الشهرة، وربما كان الهروب من الثأر شماعة، وعُكاز يتكئ عليه للهروب لها.

 خرج القصبجي، الذي وُلد في مثل هذا اليوم 22 أبريل لعام 1903 من مركز جرجا، مُتجهًا إلى مدينة الإسكندرية، وللصدفة أصبح جارًا لمنزل أشهر سفاحتين في مصر، وهما «ريا وسكينة»، الذي شارك بنفسه بعد ذلك في فيلمين تناولا قصة حياتهما بشخصية «حسب الله»، ثم انتقل إلى القاهرة بحثًا عن العمل، والتحق بهيئة السكك الحديدية، وعمل بها كُمساري.

تزوج 9 مرات، وأنجب عددا من البنات، ولم يرزقه الله سوى بولد واحد، وهو فتحي رياض القصبي، وكان يعتبر أن "حظه" سيئ مع النساء، فلم يستقر غير مع زوجته الأخيرة، التي أنجبت له ابنه فتحي وتوفى بجوارها.

وبمنطق "ما تبحث عنه يبحث عنك"، سكن القصبجي مع شقيقاته البنات بحي العباسية، واشترك وقتها في نادي "مُختار" بشارع عماد الدين ليمارس رياضة البوكس ورفع الأثقال، ووقعت هُنا الصُدفة أدخلته لعالم التمثيل، حيث تواجد الفنان علي الكسار في النادي لتصوير مشهد من فيلم سلفني 3 جنيه، واستعان بـ"القصبجي" كشاب يُصارعة ضمن أحداث العمل، فكانت شرارة البداية الفنية له، وبقى مع الكسار، حيث عمل معه في مسرحه بروض الفرج.

 بوروروم من أشهر الأعمال الفنية التي عمل بها هي شخصية "الشاويش عطية"، حتى إن البعض لا يعفونه إلا بهذا الاسم، وكان من الغريب أن يتحول "عبد العال" الشخص المعروف بصلابة ملامحة وقوته الجسمانية إلى "الشاويش عطية" الشخص الطيب الكوميديان، لكن كشف المُقربون منه أنه كان صاحب "قفشات" دائمًا، فالمُخرج فطين عبد الوهاب هو من اكتشف هذا الجانب فيه حينما استعان به في فيلم "إسماعيل يس في الجيش" عام 1955، حتى إن أفيه "شغلتك على المدفع بوروروم" كان هو صاحبه الأصلي، وكانت الكلمة الأصلية "شغلتك ع المدفع تِكتِك"، وكشف ابنه أنه كان دائمًا ما يقولها لزوجته حينما تقع مُشادة بينهما.

ومن أشهر الإفيهات التي ما زلنا نتذكرها في حياتنا اليومية حتى بعد 55 عاما على رحيل القصبجي هي: "هو بعينه بغباوته وشكله العكر" ،"صباحية مباركة يا ابن العبيطة" ،"بوروروم.. شغلتك على المدفع بوروروم؟" ،"بتضحك قدامى يارفضي يابن الرفضي"،"أنت ياجدع مش مجنون".

موقف إنساني

وأراد المخرج حسن الإمام، أن يشد من أزره بعد أن تماثل للشفاء، فطلبه لدور في فيلم الخطايا، ليرفع من روحه المعنوية، إلا أن القصبجي بعد أن دخل البلاتوه، أدرك حسن الإمام أن الشاويش عطية، ما زال يعاني، وأنه سيجهد نفسه كثيرا إذا ما واجه الكاميرا، فأخذ يطيب خاطره ويضاحكه وطلب منه بلباقة أن يستريح، وألا يتعجل العمل قبل أن يشفي تماما وأنه أرسل إليه لكي يطمئن عليه.

لكن الشاويش عطية أصر علي العمل، وتحت ضغط وإلحاح منه، وافق حسن الإمام علي قيامه بالدور حتي يجبر بخاطره.

وقف الشاويش عطية، يهيء نفسه فرحا بمواجهة الكاميرا التي طال ابتعاده عنها واشتياقه إليها، ومضت لحظة سكون، قبل أن ينطلق صوت الكلاكيت وفتحت الكاميرا عيونها علي الشاويش عطية الذي بدأ يتحرك مندمجا في أداء دوره.. وفي لحظة سقط في مكانه!

 المرض ويوم الوداع كان فيلم "أبو أحمد" الذي شارك فيه القصبي مع الملك فريد شوقي والمُخرج حسن الإمام، آخر محطات القصبي، التي لم تكتمل، حيث تسبب تصويره في "كراكة" إلى تدهور حالته الصحية، وإصابته بانسداد في الشرايين، ومن ثم توقف الذراع والقدم اليسرى عن العمل، وذكر الطبيب أن شفاءه من هذا المرض سيستغرق من 5 إلى 7 سنوات، وإن لم يحدث سيتوفى، وهو ما حدث بالفعل بعد 5 سنوات.

قبل رحيله، أرسل له الرئيس جمال عبد الناصر يقدم له العون، وإن لزم الأمر السفر للخارج إلى أنه رفض السفر، وتم علاجه على نفقة الدولة في المستشفى الإيطالي، وفي 23 أبريل 1963، لفظ رياض القصبجي أنفاسه الأخيرة عن عمر ناهز الـ60 عامًا بعد أن قضي سهرة مع عائلته، استمع فيها إلى حفلة للسيدة أم كلثوم.

من وقف بجواره أثناء المرض وعن زملائه الفنانين الذين كانوا حريصين على زيارة رياض القصبجي في أيامه الأخيرة، ذكر ابنه أن فريد شوقي في أحد البرامج، أن الفنان الوحيد الذي كان يحرص على السؤال عنه باستمرار، ويجلس معه لمدة ساعتين وربما ثلاثة هو الفنان فريد شوقي، وبعد وفاته كان يرسل له أظرفا فيها أوراق مالية يوضح أنها كانت من حق "القصبجي"، وقال: "فريد كان ملكا فعلا بأخلاقه مع الناس، وتعاملاته معهم (شيك)، ولم يكن ليحرجنا أبدًا، إلى جانب أمينة رزق، التي كانت تحضر لزيارة والدي، لكن لمدة 10 دقائق فقط، إلى جانب فطين عبد الوهاب وجمال الليثي".

ورغم سلسلة الأفلام، التي قدمها رياض القصبجي مع إسماعيل ياسين، فإن الأخير لم يزوره ولا مرة، وفقًا لما قاله ابنه، موضحًا: "عرفنا إسماعيل ياسين على أصله بعد وفاة والدي، حتى إنه لم يحضر العزاء أيضًا".

التعليقات