قصة الحذاء الملعون.. نحس الطنبوري وأدخله السجن وتسبب في جلده

"يخرج من حفرة يقع في دحريرة"، وأسوأ ما يبتلى به الإنسان هو الحظ السيئ حين يلاحقه، وفي بغداد عرف الأهالي قديما قصة الطنبوري، ذلك الرجل الذي عاش حياته مرتبطا بحذائه، ليعرفه به أهل القرية، ويرتبط مصيرهما معا، ولكن عند قرار صاحبه بالتخلي عنه، كان للحذاء رأي آخر في الافتراق عن صاحبه.

أبو القاسم الطنبوري، تاجر عاش في بغداد، وعرف عنه البخل الشديد رغم ثرائه، إلا أنه ظل حريصا على نقوده وممتلكاته، يحافظ عليها حتى لا يضطر لشراء غيرها، ومهما هلكت يقوم بتصليحها وإعادة استخدامها.

عرف الطنبوري بحذائه الذي ارتبط به ارتباطا وثيقا، حتى أنه من بخله كان يقوم بتصليح الحذاء مهما تمزق، فيقوم بترقيعه بقطعة جلد ويخيطها به، ويصلحه في كل مرة يتمزق بها، يصلحه تارة تلو الأخرى ولكن لا يقوم برميه.

ومع تكرار تصليح الحذاء وترقيعه بالقماش، زاد وزن الحذاء، وأصبح ثقيلا عليه وصعب التحرك به، فاضطر الطنبوري إلى التخلي عنه وإلقائه خارج المنزل، لكن يبدو أن الطنبوري ليس الوحيد الذي لا يتخلى عن ممتلكاته، فالحذاء أيضا لم يتخل عن صاحبه، وبجوار منزله، لاحظ أحد المارة الحذاء، وحسب أنه سقط من منزل الطنبوري، فقام بإعادته للمنزل وإلقائه من النافذة، فتسبب في كسر زجاجة عطر جديدة اشتراها الطنبوري، ما أحزنه وأغضبه، ليقرر إلقاء الحذاء خارجا مرة أخرى ولكن في النهر هذه المرة.

ولكن يبدو أن الحذاء أيضا قرر العودة للطنبوري مرة أخرى، فعندما ألقى الطنبوري الحذاء بالنهر رآه أحد الصيادين، ليعيده مرة أخرى لمنزل صاحبه ووضعه على السطح، فرأته قطة وأخذته تركض به، لاحظها الطنبوري وظن أنها تمسك بقطعة لحم، فلاحقها حتى أسقطت القطة الحذاء فوق سيدة حامل، فأجهضت، وظن الجميع أن الطنبوري السبب وقاموا بمقاضاته وحكم عليه بدفع دية للجنين.

وبعد محاولات التخلص من الحذاء التي باءت بالفشل، أيقن الطنبوري أن هذا الحذاء لعنة حلت به، تلاصقه مهما ذهب وتسبب له المشاكل متى قرر التخلص منها، ولكن رغبة إبعاد الحذاء عنه أصبحت تحديا أمامه، فهذه المرة قرر إلقاءه في مصرف القرية، وبعد يومين فوجئ الأهالي بانسداد المصرف، وبعد الفحص وجدوا أن حذاء الطنبوري هو السبب، وأبلغوا الشرطة وحكم عليه القاضي بالسجن أسبوعا، وعاد إليه حذاؤه مرة أخرى.

جن جنون الطنبوري، وأصبح شغله الشاغل التخلص من الحذاء، ليتركه هذه المرة في أحد "الحمامات" في قريته، لتحل لعنة الحذاء مرة أخرى، ويصادف سرقة حذاء أحد الأمراء في نفس اليوم، وظنوا أن من ترك حذاءه هو السارق، فوجدوا حذاء الطنبوري، وبالطبع لا حاجة للبحث عن السارق من يكون، فقد عرفه كل أهل بغداد بهذا الحذاء، ورفع الأمره إلى القاضي بتهمة سرقة حذاء الأمير، فغرّمه القاضي قيمة الحذاء وجُلد وأُعيد إليه حذاؤه.

"لعنك الله من حذاء، سوف أخرج إلى خارج بغداد وأدفنها هناك خرج إلى الصحراء"، هكذا فقد الطنبوري صوابه، ليذهب بعيدا بحذائه في قلب الصحراء، ووجده أحد المارة وعند سؤاله ماذا يفعل أجاب: "أدفن الحذاء"، لتخرج اللعنة مرة أخرى ويصادف وجود قتيل في الصحراء حينها، وتتجه أصابع الاتهام نحوه، ومع قسمه وتبريره لإبعاد التهمة عنه، وأقسم لهم الأيمان أنه لم يقتل أحدا وأقام الشهود أنه لم يخرج من بغداد منذ زمن، وأخذ يقيم الحجج على ذلك حتى ثبتت براءته، فأطلق القاضي سراحه ولكن بعد تأديبه على إزعاجه للحرس المكلفين بمراقبة المكان بسببٍ تافهٍ جدًا وهو دفن الحذاء فقال للقاضي: "يا سيدي اكتب صكًا بيني وبين هذا الحذاء أني بريءٌ منه فقد أفقرني وفعل بي الأفاعيل"، وقص عليه ما تعرض له بسبب الحذاء.
 

التعليقات