إنها الليالي العربية عند " والت ديزني " , عندما نستمع لتلك الأغنية في بداية فيلم "علاء الدين" ندرك أننا أمام فيلم أسطوري ينقل معاني و أفكار و صور مليئة بالحكمة المجسدة بالخيال , "علاء الدين" هذا الفقير اللص المحب للأميرة و المصباح السحري و الجني خفيف الظل , كل هذا يذكرنا بقصص ألف ليلة وليلة .

   عندما شاهدن الفيلم لأول مرة نسيت تمامآ أني أشاهد فيلم سينمائي يجب علي تحليل عناصره و الكتابة عنه , فقد سحرني مثل طفل صغير فقد عقلة أمام قطعة حلوي مليئة بالألوان المبهجة البراقة , وحاولت تكرار المشاهدة أكثر من مرة , و ياللعجب يحدث نفس السحر والأنبهار في كل مرة و بنفس الحجم , إنها سينما الخيال و المغامرة عند شركة "والت ديزني".

   قصة "علاء الدين والمصباح السحري" محفورة لدي أجيال كثيرة و منذ زمن بعيد , وخاصة أنه تم أنتاجها كفيلم رسوم متحركة عام 1992م , و قتها حقق الفيلم صدي كبير في العالم كله , أما الأن فقد قامت نفس شركة الأنتاج "ديزني" بإعادته مرة أخري و لكن بأشخاص حقيقيين , مما أثري العمل فنيآ و تجاريآ حيث إنه تربع علي عرش إيرادات السينما العالمية , وصلت أيرادات الفيلم حول العالم إلي 874 مليون دولار أمريكي , هذه ليست المرة الأولي التي تقوم شركة "ديزني" بإعادة أحياء أحد أفلامها من الرسوم المتحركة إلي أفلام بأشخاص حقيقيين , وهذا توجه جديد تسلكة شركة "ديزني " منذ الأعوام القليلة الماضية , مثل ما فعلت في فيلم "سندريلا" و فيلم "الجميلة و الوحش" و فيلم "دامبو" و قريبآ "الملك الأسد".

 

   فيلم "علاء الدين" ليس مجرد فيلم خيالي فقط , ولكنه ايضآ فيلم استعراضي غنائي رفيع المستوي , فكل أبطال الشخصيات الرئيسية قاموا بالرقص و الغناء بكل تالق و أبداع دون تكلف أو معاناه لتوصيل المعني.

  مع بداية الفيلم تظهر بوضوح اهمية الموسيقي و دورها الفعال داخل هذه التحفة الفنية , وقد تألق كالعادة المؤلف الموسيقي "آلان مينكن" في موسيقاه داخل هذا الفيلم والتي جاءت مستوحاه من الموسيقي العربية الطابع , في جمل لحنية بسيطة دون تعقيد أو أقحام علي الدراما , وقد قام "مينكن" بتطعيم الأوركستر ببعض الطبول العربية و أيضآ الة العود التي ظهرت في بعض الجمل الموسيقية , فأستطاع بنغماته أن ينقلنا إلي عالم من السحر العربي وخيال ألف ليلة و ليلة . هذا بالطبع ليس التعاون الأول بين "مينكن" و شركة "ديزني" , فقد قدم موسيقي العديد من أهم أفلام "ديزني" مثل فيلم "موانا" و فيلم "عروس البحر" و فيلم "الجميلة و الوحش" و فيلم " أحدب نوتردام" و فيلم "هرقل" و غيرهم من أهم أفلام شركة "ديزني".

 

مع أول مشهد في الفيلم يطل علينا النجم العالمي المتفرد "ويلي سميث" صاحب البشرة السمراء و الحضور المؤثر , ذو النظرات التي تحدثنا بلا حروف , "ويلي سميث" يبدأ الفيلم بأغنية "الليالي العربية" , و هي أغنية البداية , الأغنية ذات المعاني العميقة , أداها هذا الفنان الساحر بسهولة و أحتراف رغم صعوبة اللحن , أيضآ أمتاز أداء "سميث" داخل الفيلم بالبساطة والتلقائية و خفة الظل , وقد يتساءل البعض كيف لنجم كبير مثل "سميث" أن يلعب دور ثاني "جني المصباح" ولايلعب دور البطل الرئيسي ؟؟ , و أجابة هذا التساؤل هي أن في هذا العمل الفني كانت كل المعاني المقدمة للطفل و للكبير تم تقديمها من خلال شخصية "الجني" , وهذه الشخصة هذه المرة ليست الدور الثاني ولا الأول , إنها الدور "الأهم" , شخصية "الجني" قدمت لنا معاني قيمة عديدة علي مدار الفيلم بطريقة غير مباشرة مثل أهمية الصديق و قيمة الصداقة , كذلك كيف علي الأنسان ان يتحلي بالصدق مع نفسه ومع غيره , أيضآ علينا أن الحرص عند التمني فكل ما نتمناه آت , وغيرها من المعاني الهادفة للاطفال و للكبار . "ويلي سميث" أضاف للشخصة أبعاد كثيرة و عميقة بخفة ظل و رشاقة أداء كعادته .

   الجميلة "نعومي سكوت" المطربة البريطانية ذات الأصول الهندية صاحبة الحنجرة القوية المعبرة , هرت في فيلم "علاء الدين" في دور الأميرة "ياسمين" , جاء اختيار "نعومي" موفقآ وذلك لما تتمتع به صوت مميز و ملامح عربية و بشرة خمرية اللون , كما برعت في الغناء هي ايضآ برعت في التمثيل بشكل كبير فقد جاء أدائها هادئ و واثق مثل شخصية الأميرة "ياسمين" , ومن المتوقع أن يكون لها مستقبلآ كبيرآ في السينما العالمية مستقبلآ .

 

   أما مفاجأة الفيلم هذا المصري الكندي صاحب الملامح المصرية "مينا مسعود" , إنه بلا شك الأنسب للدور , فقد قامت شركة "ديزني" مع المخرج "جاي ريتشي" بأختبارات لاكثر من 2000 ممثل من حول العالم و في النهاية وقع اختيارهم علي "مينا" , ورغم أنها أول بطول سينمائية له , إلا أنه أستطاع بالتمرين الغناء و الرقص و التمثيل ببراعة شديدة , فبدي لنا نجم محترف من نجوم هوليود بأدائه البسيط و قدراته المتفردة و المفاجئه . من المتوقع له أيضآ مستقبل حافل في السينما العالمية بعد نجاحه في فيلم "علاء الدين".

   هناك أيضآ داخل الفيلم عدد من الفنانين المتميزين و اللذين قاموا بأداء أدوارهم ببراعة , علي رأسهم الممثل التوني الهولندي "مروان كنزاري" الذي قام بدور " جعفر" وزير السلطان , إنه دور الشر داخل الفيلم  , قدمه "مروان" ببراعه شديدة فهو فنان متمكن تمامآ من أدواته كممثل محترف . أيضآ هناك الممثلة "نسيم بيدار" الأيرانية الأمريكية صاحبة الأداء الكوميدي الراقي والتي أشتهرت بأداء الأدوار الكوميدية الخفيفة , قامت في فيلم "علاء الدين" بدور "داليا" وصيفة الأميرة "ياسمين" . كان في الفيلم أيضآ الممثل "نافيد نيغبان" الأيراني الأمريكي قدم لنا في الفيلم دور "سلطان أغربا" و جاء ادائه رائع و متميز و متقن . ايضآ الممثل "نعمان عكار" التركي الألماني والذي لعب دور "حكيم" قائد الحرس ورغم صغر عدد المشاهد التي ظهر بها إلا انه قدم اداء يلفت الأنظار إليه .

 

   أما مخرج هذه الرائعة الفنية "علاء الدين" المخرج "جاي ريتشي"قد أستطاع بالفعل توظيف كل الفنانين في أدوارهم وأختيارهم بعناية و دقة شديدة جعلت من الفيلم تحفة فنية خالدة في تاريخ السينما العالمية , و قيمة فنية كبيرة تضاف إلي روائع شركة "والت ديزني" , أستطاع "ريتشي" ان يقدم لنا صورة متميزة مستخدمآ كل وسائل التكنولوجيا الحديثة في صناعة السينما فهرت لنا صورة مشرقة مليئة بالحيوية و الأبداع كانت نتيجة تجانس بين عناصر الأضاءة و الديكور و الملابس و المكياج و تألق أداء الفنانيين .

   في النهاية شكرآ لكل يد ساهمت في أخراج هذا العمل لنا بهذه الصورة , لقد دخلت لمشاهدة الفيلم ثلاثة مرات دون ملل , و في كل مرة أرغب أن أعود إلي مقعدي لمشاهدته مرات و مرات , إن الأبداع الحقيقي لايمكن أن يبث سوي البهجة والسحر و الخيال . حقآ .. أريد أن أشاهد الفيلم 100 مرة ! !