تحليل - احمد سيد حسن .. مصر فى ٣ يوليو.. هل أصبحت الأحوال أفضل؟

لن يجد أغلب المصريين أسبابا جديدة للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام الإخوان فى ٣ يوليو منذ ٤ سنوات، كما مرت ذكري  ثورة ٣٠ يونية نفسها في حالة من الغضب المكتوم بسبب رفع أسعار البنزين والسولار والبوتاجاز، وفى ظل أزمة اقتصادية حادة تعانى منها مصر بعد نهاية عصر الثورات الذى بدا في ٢٥ يناير ٢٠١٢ وانتهى فى ٣ يوليو ٢٠١٣ ، فى أعقاب خروج اكثر من ٣٠ مليونا   الى الشوارع احتجاجا على حكم جماعة الاخوان التى قسمت مصر وهددت بإدخالها حربا أهلية، بعد اشتعال المواجهات السياسية التى عطلت مؤسسات الدولة الاقتصادية والخدمية  بالذات عن العمل بكفاءة.

وحسم الجيش هذه المواجهة فى ٣ يوليو بقيادة تحالف سياسي جديد قام بعزل الرئيس الاخوانى، وتسليم الحكم لرئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلى منصور لمدة عام جديد ، شهد تصاعدا كبيرا للغاية للعمليات الإرهابية فى القاهرة والإسكندرية والدقهلية وشمال سيناء ، ومع نجاح تحالف ٣٠ يونية في انتخاب وزير الدفاع الأسبق المشير عبد الفتاح السيسي رئيسا للجمهورية ، تفكك هذا التحالف من داخله ومن خارجة فى ظل تغير الاولويات التى تصدرتها مهمة " تثبيت الدولة ومنعها من الانهيار " وإصدار قوانين تنظيم التظاهر والتركيز على المشروعات العملاقة لتنشيط الاقتصاد الراكد، والعمل على إيجاد شبكة أمان اجتماعى واسعة لحماية ملايين المصريين من الاثار السلبية للاوضاع الاقتصادية الصعبة ، وخاصة بعد قرارات ٣ نوفمبر العام الماضي بتعويم الجنية المصري امام الدولار الامريكي،

واذا كان نظامي مبارك والاخوان قد أصبحا فى ذمة التاريخ ، بعد ان تعاقبا على البقاء لسنوات داخل السجون ، فأن مايشغل الغالبية الساحقة من المصريين الان هو خطر الاوضاع الاقتصادية الصعبة ، والذى   يراه الكثيرون اخطر من الارهاب الذى تتراجع تهديداته بفعل الضربات الامنية القوية التي تلقته عناصره فى كل مكان ، وان استمرت التهديدات مستمرة ضد الاقباط وأفراد الجيش والشرطة والقضاء ، الأهداف الثابتة للإرهابيين . ويضع المصريون اياديهم على قلوبهم فى الواقع خوفا من تداعيات القرارات الاخيرة برفع اسعار الوقود على كافة السلع والخدمات  ، فى وقت تبدو فيه الحكومة الحالية برئاسة المهندس شريف اسماعيل مصرة على مواصلة الإصلاح الاقتصادى بالتعاون مع مؤسسات التمويل الدولية مثل البنك الدولى وصندوق النقد ، مع اصرار سياسي على عدم التراجع عن مسيرة الإصلاح بعد عقود من التردد فى معالجة اوضاع اقتصادية صعبة خاصة قضية الدعم ، مما يشير الى صيف ملتهب قادم استعدت له الحكومة بحزمة كبيرة من القرارات الاقتصادية ذات الطبيعة الاجتماعية لتخفيف حدة الازمة عن الطبقات الفقيرة والمتوسطة ، بزيادة دعم بطاقات التموين التى تغطى اكثر من ٧٠ مليون مواطن وزيادة المعاشات التقاعدية ١٥٪‏ ومعاشات التضامن الاجتماعى وتكامل وكرامة والذى يغطى ٧ مليون مواطن بمعاشات شهرية ٥٠٠ جنية للفرد ، اضافة الى منح الموظفين علاوتين وإعفاء الفلاحين من الضرائب ٣ سنوات

يبقي ان تلك الإجراءات ذات الطبيعة الاجتماعية وان نجحت فى تخفيف اثار الازمة العنيفة ، الا انها لن تجعل حياة المصريين اسهل ، فالواقع ان مصر تدفع ثمنا باهظا للخلاص من جماعة الخوان وحليفاتها من الجماعات الاخطر والتى شكلت تحالف دعم الشرعية وضمت أعضاء الجماعات التكفيرية المسلحة  ، ونجحت فى ضرب السياحة باسقاط طائرتين وشن مئات  العمليات الإرهابية ، التى استهدفت المسيحيين المصريين ، ونجحت فى ضرب مناخ الاستثمار ، وفى جعل شمال سيناء منطقة حرب ، وحتى الحدود مع ليبيا تحولت الى منطقة تهريب سلاح وإرهابيين ، وهو نفس الامر على الحدود الجنوبية لمصر مع السودان ، حيث اصبحت خريطة المواجهة تشمل كل شبر فى مصر .

 وبعد اربع سنوات من الاطاحة بالاخوان لا يبدو ان المعركة مع الفصائل الإرهابية ستحسم بسرعة ، فى ظل سيطرة الجناح السلفي على المحافظات الحدودية وتغلغله فى كل مكان ، وهو ان بدا رسميا رافضا للعنف وعدم الخروج على الحاكم والتركيز علي العمل الدعوى ، الا ان هذا التيار هو المخزن الذى يمد فصائل الارهاب والعنف المسلح بالجنود المستعدين للاستشهاد وقتل الطواغيت وهم أهل الحكم والسلطة والنصاري والسياح الكفار !

ومع ضعف الحياة السياسية وإغلاق المجال العام من اجل التركيز على اعادة بناء الدولة وحمايتها من الانهيار ، لاتوجد على الساحة اى قوة سياسية كبيرة قادرة على مواجهة تيارات العنف والارهاب ، وخاصة فى ظل حالة الانقسام بسبب قضية تيران وصنافير ، وتبدو الدولة بقوتها الصلبة وحيدة فى هذه الحرب التى تحتاج الى مواجهة شاملة ، والى اعادة بناء تحالف ٣٠ يونية من جديد ، والعمل المشترك حتى تخرج مصر من النفق المظلم الذى دخلت اليه خلال عصر الثورات فجنت كل انواع المشاكل الضخمة دفعة واحدة ، والمهم ان يظهر ضوء فى نهاية النفق وهو مايراهن عليه النظام والغالبية الساحقة من المصريين التى تتحمل كل هذه الصعاب من احل الخروج من هذا النفق !

التعليقات