«البطرسية».. تاريخ العائلة والكنيسة

شرفت مع فريق من مشروع ذاكرة مصر بمكتبة الإسكندرية منذ العام 2004م بالعمل على واحد من أهم الأرشيفات التى تؤرخ لعائلة سياسية ممتدة، وهو أرشيف العائلة البطرسية ، حيث اتخذت العائلة بقرار جرىء مهمة إسناد أرشفة ورقمنه هذا الأرشيف للمكتبة.

يقع أرشيف البطرسية ضمن جمعية الآثار القبطية وكلاهما جزء من الكنيسة البطرسية التى تعرضت لحادث إرهابى، فى حقيقة الأمر إن أهمية الكنيسة تنبع ليس من كونها من تصميم المعمارى العبقرى أنطونيو لاشياك (1856 – 1946م) الذى كان شاعراً وموسيقياً ومهندساً ترك بصماته فى مصر، بل من كونها تضم رفات ساسة أثروا الحياة السياسية فى مصر بدءًا من بطرس باشا غالى إلى الدكتور بطرس بطرس غالى سكرتير عام الأمم المتحدة الراحل.

تحتفظ العائلة البطرسية فى الكنيسة بأرشيفها والعديد من مقتنياتها، هذا الأرشيف يكشف لنا العديد من ملامح تاريخ مصر المعاصر، وفيه نقرأ تفاصيل عن دور بطرس باشا غالى فى العديد من القضايا الوطنية السياسية سواء حينما كان وزيراً أو رئيساً للوزراء قبل الاغتيال لتشيد الكنيسة البطرسية لكى تضم رفاته.

ويكشف الأرشيف عددا من إنجازات بطرس باشا غالى حينما تولى رئاسة مجلس الوزراء ومنها:

قانون علانية جلسات مجلس شورى القوانين، حيث كانت فاتحة أعمال نظارة بطرس باشا غالى إصدار قانون علنية جلسات مجلس شورى القوانين، وتعيين الأمير حسين كامل رئيساً لمجلس شورى القوانين، ويذكر أحمد باشا شفيق فى مذكراته أنه فى 14 مارس 1909 اجتمع بطرس وإسماعيل أباظه والبرنس حسين كامل بعد اختياره رئيساً لمجلس شورى القوانين، وتناقشوا مع الخديو فى الحالة الحاضرة، وما يجب عمله فاستقر الرأى على أن يذهب بطرس إلى غورست، ويطلب منه أن يوافق على عمل تعديل فى مشروع مجالس المديريات، بحيث يكون لها الحق فى فرض ضريبة لصرفها فى التعليم وأن تكون قراراتها نافذة فى هذه المسألة، وأن يقنع غورست بضرورة ذلك واتفق أيضاً أن يطلب بطرس من غورست اختصاصات شورى القوانين. فى تلك الفترة تعالت أصوات الحركة الوطنية، لذا حاولت نظارة بطرس باشا غالى أن تمتص هذه الموجة الوطنية بجعل جلسات مجلس شورى القوانين علنية، وحضور النظار جلساته، وجلسات الجمعية العمومية، واستشارة مجلس الشورى فى لوائح التعليم وقوانينه، ومحاولة توسيع اختصاصات مجالس المديريات، فأصبح رأيها قطعياً فيما يختص بالصرف على التعليم.

همت نظارة بطرس باشا غالى إلى توسيع اختصاصات مجلس شورى القوانين فقررت اشتراك الأمة فى النظر بمشروعاتها بعرضها على المجلس ويحضر النظار للمناقشة فيها.

إحياء قانون المطبوعات

أخذت الصحف الوطنية فى مهاجمة الخديو عباس حلمى الثانى نتيجة لسياسة الوفاق التى اتبعها مع الإنجليز، فضاق الخديو بهذه الحملات، وكلف بطرس باشا غالى بالتعجيل بإعادة إصدار قانون المطبوعات لعام 1881م.

يقول محمد حسين هيكل معللاً قيام بطرس باشا غالى بإحياء قانون المطبوعات: «كثيراً ما يلجأ السياسى الشديد الحرص على تحقيق غاية معينة يراها ذات خطر فى حياة أمته، إلى قبول أشياء لا يقبلها غيره، ما دام يعتقدها أشياء مؤقتة قليلاً ضررها إلى جانب الغاية العظيمة المرجوه، لذلك لجأ بطرس بإزاء رفض زميليه سعد زغلول ومحمد سعيد لطلب المعتمد البريطانى بعث قانون الصحافة وإصدار قانون النفى الإدارى، إلى وساطة الخديو عندهما، فأوفد سموه من رجاله من أقنعوهما، فصدر القانون فى سنة 1909 فأحدث صدورهما فى البلاد دوياً هائلاً... ». أما أحمد باشا شفيق فيقول «وقد سمعنا منه (أى بطرس باشا غالى) أنه فى الحقيقة لا يرغب فى بعث هذا القانون، ولم يكن بعثه إلا بناء على إلحاح الخديو فى إجراء ما يجب لإسكات الصحف الجامحة».

قرار منح عطلة رسمية يوم رأس السنة الهجرية

من القرارات التى اتخذتها نظارة بطرس باشا غالى اعتبار أول السنة الهجرية يوم عطلة رسمية، ففى 20 يناير 1909 صدر ملحق للوقائع المصرية يتضمن القرار التالى: «بمناسبة أول السنة الهجرية الجديدة ستقفل نظارات الحكومة ومصالحها يوم السبت محرم سنة 1327 الموافق 23 يناير عام 1909».

الاهتمام بالشؤون الصحية

اهتمت نظارة بطرس باشا غالى بتحسين الشؤون الصحية والمشاركة فى المؤتمرات الصحية؟، فقد وافقت نظارته على إيفاد الدكتور علوى باشا ممثلاً للحكومة المصرية فى المؤتمر الدولى المعنى بتحسين حالة العميان، وهذا المؤتمر عقد فى نابولى من 30 مارس إلى 3 إبريل عام 1909.

حفلت حياة بطرس باشا غالى الذى ولد فى مديرية بنى سويف 1846 واغتيل فى عام 1910م بالعديد من المواقف والمحطات، اتفق حول الكثير منها الكثيرون واختلف معه البعض وآثار جلبه ونقاش سياسى يستحق أن يُدرس.

هناك العديد من الشخصيات فى الأسرة البطرسية التى قدمت خدمات جليلة للوطن، لكن أعظمها من وجهة نظرى واصف بطرس غالى الذى ولد فى 14 إبريل 1878م، ودرس الحقوق فى فرنسا وعمل فى المحاماة، ظهر واصف أفندى غالى بكامل صفات النضج بعد حادث مقتل والده بطرس باشا غالى فى فبراير 1910، حيث عمد إلى تجاوز تلك المحنة التى أثارت فتنة طائفية فى مصر، حيث وقف فى وجه مُشعلى الفتنة، ورفض واصف أفندى غالى بشدة فكرة انعقاد المؤتمر القبطى عام 1911م، وكتب يقول: «إننا لن نتحرر ولن نجبر العالم على احترامنا واحترام إرادتنا إلا إذا اتحدنا وأصبحنا أمة واحدة حينئذ ستخطب ودنا الدول الكبرى»، ومن هذا المنطلق انضم لحزب الوفد وناضل بقوة ضد الاحتلال الإنجليزى حتى إعلان 28 فبراير 1922، حيث اندلعت مظاهرات قوية لعب فيها دور المحرك مما دفع الإنجليز لسجنه ومحاكمته، فصدر ضد واصف غالى حكم بالإعدام، لكن السخط الشعبى دفع الإنجليز للإفراج عنه فى 14 مايو 1923م، ويوجد فى أرشيف البطرسية برقيات تهنئة بمناسبة الإفراج عنه، وعين واصف غالى وزيراً للخارجية فى حكومة الوفد العام 1924م، وبفضله أعيد تأسيس الخارجية المصرية بصورة أكثر عصرية ورسخ قيما وتقاليد ما زالت إحدى سمات وزارة الخارجية المصرية.

قضية فلسطين

كان واصف باشا غالى أول مصرى ارتفع بصوته رسمياً بالدفاع عن فلسطين فى عصبة الأمم، فقد كان واصف باشا غالى رئيساً للوفد المصرى خلال الدورة الأولى لعصبة الأمم التى انعقدت فى سبتمبر عام 1937، وقد تركز اهتمام وفد مصر خلال تلك الدورة حول القضية الفلسطينية، التى كانت تمر بإحدى مراحلها الحرجة بعد تقرير لجنة بيل الملكية، وهو التقرير الذى تضمن الاقتراح بتقسيم فلسطين بين اليهود والعرب، وقد حدد واصف باشا غالى موقف بلاده برفض قبول التقسيم، ولخص الأسباب التى تدعو إلى هذا الموقف على النحو التالى:

1- إن التقسيم ينافى حقوق العرب الطبيعية المقدسة.

2- إنه يتنافى والعهد الذى قطعته بريطانيا للشريف حسين فى بداية الحرب.

3- إن وعد بلفور غير موجب لبريطانيا، ما دام العرب لا يقبلونه.

4- إن التقسيم لا يحل مسألة السلام فى فلسطين.

5- إنه لا يحل المشكلة اليهودية العالمية.

6- إنه يخلق دويلات مصطنعة غير صالحة للحياة بين الدول.

7- إنه ينشئ دولة على أساس الدين من أقوام مختلفى الجنسية، والدول لا تقوم على أساس وحدة الدين، وإنما تقوم على أساس وحدة جنسية، وأن الرأى العام العربى المسلم والمسيحى لا يقبل نزع الأماكن المقدسة من أيدى العرب.

8- إن مصر لا تأمن قيام دولة يهودية مصطنعة من خليط جنسيات مختلفة بجوارها.

وأقترح الوفد المصرى حلاً مؤداه أن تعقد بريطانيا معاهدة مع فلسطين، تكفل لها استقلالها، على غرار المعاهدات التى عقدتها بريطانيا مع غيرها من الأقطار العربية، وتضمن المعاهدة لبريطانيا مصالحها وللأقلية اليهودية أيضاً مصالحها، وتحدد فى المعاهدة الهجرة اليهودية إلى فلسطين بنسبة معينة، كما تحدد حق اليهود فى امتلاك الأراضى.

ظل واصف غالى يخدم وطنه مصر إلى أن قرر بعد حريق القاهرة فى يناير 1952م اعتزال العمل السياسى فاستقال من عضوية مجلس الشيوخ، ويعد واصف بذلك من أوائل المصريين – إن لم يكن أولهم – الذين عملوا جهدهم على تبيان روائع العرب وتفوقهم ومجدهم الغابر.

كتب واصف غالى جميع أعماله الأدبية والفكرية باللغة الفرنسية: «حديقة الأزهار» صدر بباريس عام 1913، وهو عبارة عن مختارات من الشعر العربى مترجمة تسبقها مقالات عن طبيعة الشعر عند أهل الضاد، و«تقاليد الفروسية عند العرب» طُبع عام 1919 بباريس وهو بحث فى نشأة الفروسية العربية وتطورها كان واصف بدأ كتابته فى القاهرة فى عام 1914 وفرغ منه فى باريس عام 1916 غير أنه لم يتمكن من نشره قبل نهاية الحرب العالمية الأولى، وأخيراً «اللؤلؤ المنثور» صدر عام 1919 بباريس أيضاً، وهو مجموعة من قصص الحكمة المستوحى من الكتب السماوية الثلاثة ومن المأثور الشعبى المشرقى.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك عملاً أدبياً آخر – بالفرنسية أيضاً- لواصف غالى اكتشفه الباحث الأستاذ رؤوف كامل وهو رواية تيودورا السكندرية وهو مسرحية من ثلاثة فصول عثر كامل على نسخة منها فى مكتب بباريس متخصص فى كتابة الأعمال الدرامية والأدبية على الآلة الكاتبة وألحقها بكتابه «واصف غالى كاتباً» والطريف أن هذا الكتاب نفسه مكتوب بالفرنسية وطُبع عام 1960 بالقاهرة بمطابع المعهد الفرنسى للدراسات الشرقية، ويرجح أن يكون واصف قد كتب هذه المسرحية فى عام 1919.

توفى واصف غالى فى باريس فى العام 1958م وكانت وصيته أن يدفن فى الكنيسة البطرسية، وحضر جنازته محمود فوزى وزير خارجية مصر وعدد كبير من الساسة وكبار رجال الدولة.

ثالث شخصيات الأسرة البطرسية اللافتة للنظر مريت غالى:

ولد مريت بك نجيب بطرس غالى، فى مدينة القاهرة فى 10 مايو عام 1908، وهو ابن نجيب باشا غالى، وحفيد بطرس باشا غالى، حصل مريت بك نجيب بطرس غالى على ليسانس الحقوق، ودبلوم مدرسة العلوم السياسية من جامعة باريس عام 1929، ليلتحق بعدها للعمل دبلوماسياً فى وزارة الخارجية المصرية.

تولى مريت بك غالى منصب وزير الشؤون البلدية والقروية فى وزارة أحمد نجيب باشا الهلالى الثانية (من 22 إلى 24 يوليو 1952) ويرجع سبب اختيار مريت بك غالى لهذا المنصب، نظراً للرؤية الإصلاحية فى المجال الزراعى التى نادى بها فى كتابه (سياسة الغد)، وكتابه (الإصلاح الزراعى).

انصب اهتمام مريت بك غالى على دراسة الآثار، حيث قام بتأسيس جمعية الآثار القبطية، وشغل منصب عضو المجلس الأعلى للآثار منذ عام 1938، ورأس مجلس إدارة جمعية الآثار القبطية منذ عام 1935 وحتى عام 1988. كان مريت بك غالى عضواً بعدد من الجمعيات منها: الجمعية العلمية الجغرافية المصرية، وجمعية الاقتصاد السياسى والإحصاء والتشريع، والمجمع العلمى المصرى منذ 1960، وعضو فى لجنة المساعدة الطبية للحبشة، وعضو مجلس نواب قبل ثورة 1952م.

وفوق كل ذلك كان كاتباً ومؤلفاً للعديد من الكتب الخاصة فى السياسة والاقتصاد باللغات العربية، والإنجليزية، والفرنسية أشهرها على الإطلاق (سياسة الغد)، مما أهله لحمل نيشان الاستحقاق من الدرجة الأولى.

واللافت للنظر فى سيرة مريت بك غالى هو الدور الأهم الذى لعبه فى السياسة الخارجية المصرية، خاصة فى العلاقات المصرية الإثيوبية على مدار أربعة عقود، وهو دور غير رسمى مدخله الأساسى فيه مكانته فى المجتمع القبطى المصرى، وصلته الوثيقة ببطريرك الكرازة المرقسية، وقد تبلور دور مريت بك غالى فى العديد من المواقف بدءًا من الثلاثينيات إلى نهاية السبعينيات.

علم الآثار

اهتم مريت غالى بالآثار خاصة الآثار القبطية، كما أنه أودع مجموعة من شهادات الاستثمار باسمه لتصرف على هيئة جوائز للطلاب المتفوقين بكلية الآثار جامعة القاهرة، كذلك كان عضواً بالمجمع العلمى المصرى، وشارك ونظم العديد من المؤتمرات الخاصة بالدراسات القبطية خاصة الفن القبطى والآثار القبطية بشتى دول العالم والجامعات الكبرى.

لم يقتصر دوره فى المجال الأثرى على القبطى منها بل وجد خطابا منه لوزير الثقافة بخصوص قبة سيدنا الحسين، كما كتب رسالة لوزير الثقافة بمشاركة الدكتور حسن عبدالوهاب يقدمان فيها اقتراحاً بشأن الحفاظ على الآثار الإسلامية بتاريخ 29 مارس 1961م.

كما لم يقتصر دوره على الجانب النظرى للآثار بل شارك ورأس مجموعة من بعثات الحفائر بوادى النطرون، وكانت بحوزة أسرة بطرس باشا غالى وبجمعية الآثار مجموعة كبيرة من الآثار وعند صدور قانون حماية الآثار عام 1983، تقدم مريت بقوائم بالآثار الموجودة بحيازة الأسرة أو حيازة الجمعية، وشارك فى تأسيس الاتحاد الدولى للدراسات القبطية بمراكزه الثلاثة (إيطاليا – ألمانيا – مصر) وقد اهتم بدراسة القبطيات باعتبارها عنصراً من عناصر التراث الثقافى العالمى ومصدراً من مصادر فهم التاريخ المصرى والروح القومية المصرية والشعور الوطنى المصرى والذى لابد أن يجمع كل عناصر التراث المصرى فى صورة منسجمة وواضحة.

الأوسمة والنياشين

حصل مريت غالى على رتبة البكوية عام 1938، كما حصل على وسام الاستحقاق من مجلس قيادة الثورة عام 1956.

مؤلفات

لمريت غالى العديد من المؤلفات نذكر منها:

■ سياسة الغد برنامج سياسى واقتصادى واجتماعى، صدرت الطبعة الأولى فى القاهرة عام 1938، وصدرت الطبعة الثانية بالقاهرة عام 1945.

■الأداة الحكومية (بالاشتراك مع الدكتور إبراهيم مدكور) صدرت الطبعة الأولى بالقاهرة عام 1943، والطبعة الثانية بالقاهرة عام 1945.

■ الإصلاح الزراعى (الملكية والإيجار والعمل) صدر بالقاهرة عام 1945.

■ مشروع قانون الإصلاح الزراعى صدر بالقاهرة عام 1948.

■ تنمية الاقتصاد القومى (مترجم من البحث باللغة الفرنسية للأستاذ هنرى مونييه)، صدرت الطبعة الأولى بالقاهرة عام 1935، وصدرت الطبعة الثانية بالقاهرة عام 1954.

■ الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، صدر بالقاهرة عام 1952.

■ البرنامج الاجتماعى لمشروع السنوات الخمس، صدر بالقاهرة عام 1954.

■ الأقباط فى مصر، صدر فى القاهرة، 1979م.

توفى مريت بك نجيب بطرس غالى فى 24 إبريل عام 1992م.

الدكتور بطرس بطرس غالى الذى كان أول مصرى يشغل منصب سكرتير عام الأمم المتحدة بجدارة، وسعت الولايات المتحدة الأمريكية لعدم التجديد له لمواقفه الوطنية ولمساندته القضايا العربية، وعند وفاته هذا العام دفن بالكنيسة البطرسية، وكان آخر وزراء الأسرة البطرسية فى الدولة المصرية الدكتور يوسف بطرس غالى الذى شغل منصب وزير المالية إلى العام 2011م.

الوصف المعمارى

تتكون منشأة الكنيسة البطرسية من كنيسة من طابقين، الطابق الأول تحت مستوى سطح الأرض ويشتمل على مساحة خصصت كأضرحة لأفراد العائلة البطرسية (عائلة بطرس باشا غالى)، والطابق الثانى عبارة عن مصلى الكنيسة والهيكل ومذبحين، المذبح الأول خصص للمعمودية، والمذبح الثانى خصص للسيدة مريم العذراء، ويتقدم مبنى الكنيسة صحن سماوى محاط بثلاثة أروقة، والتى يفتح رواقها الجنوبى على صحن خلفى يؤدى إلى ملحقات الكنيسة التى تشتمل على مقر جمعية الآثار القبطية، وقاعة الست صفا التذكارية، والمتحف، والحديقة، ومأوى خدام الكنيسة، والنادى، وقاعة مريت بطرس غالى التذكارية.

وللكنيسة أربع واجهات، ثلاث منها تطل على المقر البابوى بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وهى الواجهات الشمالية والشرقية والغربية، أم الواجهة الجنوبية وبها المدخل الرئيسى فتطل على شارع رمسيس، بالإضافة إلى برجى الأجراس اللذين يحتلان الركنين الشمالى والجنوبى من الواجهة الشرقية.

الكنيسة

تحتل الكنيسة مساحة مستطيلة الشكل، تبلغ أبعادها 28 متراً طولاً و17 متراً عرضاً، وقد قسمت بواسطة صفين من الأعمدة الرخامية، كل صف منها يتكون من خمسة أعمدة تحمل ستة عقود نصف دائرية، إلى ثلاثة أروقة غطيت بأسقف جمالونية، من الخشب المغطى بالقراميد.

ويتوصل إلى الكنيسة بواسطة سبعة أبواب، وزعت كالآتى: بابان فى كل من الضلع الشمالى والجنوبى للكنيسة، وثلاثة أبواب بالضلع الغربى.

وتطل الكنيسة على الصحن السماوى بواجهة حجرية قوام تشكيلها المعمارى مدخل معقود بعقد حدودى يتقدمه سقيفة غطيت بسقف جمالونى الشكل محمولة على عمودين مربعى الشكل، ويتوسطها باب مستطيل الشكل يفتح على الرواق الأوسط للكنيسة، ويكتنف هذا المدخل بابان جانبيان، يؤديان إلى الرواقين الشمالى والجنوبى، وتنتهى الواجهة من أعلى بطنف محمول على كوابيل حجرية تعلوه نافذة من نوع القمريات الإسلامية تحتل المساحة المثلثة الشكل التى تنتهى بها الواجهة.

ويؤدى هذا المدخل إلى داخل الكنيسة وبالتحديد إلى الرواق الأوسط، وقد قسمت الكنيسة كما سبق أن أشرنا إلى ثلاثة أروقة بواسطة صفين من العقود التى يعلوها صف آخر من العقود المتراكبة التى استخدمت لرفع سقف الرواق الأوسط عن سقف الرواقين الجانبيين، وقد غشيت تلك العقود بنوافذ زجاجية ملونة.

وينتهى الرواق الأوسط للكنيسة بسلم له إحدى وعشرون درجة ينتهى بباب يؤدى إلى ضريح بطرس باشا غالى، وهو واقع تحت الهياكل وعلى جانبى السلم جداران مكسوان بالرخام الملون يعلوهما حاجزان من المرمر الأبيض ارتفاعهما ثمانون سنتيمتراً تقريباً نقشت عليهما صلبان، وحرفا D – B.

وقد كتب فوق باب الضريح باللغتين العربية والفرنسية تاريخ ميلاد ووفاة بطرس باشا غالى: (12 مايو 1846 – 21 فبراير 1910).

وقد حليت واجهاته الثلاث وجانباه بصلبان من الرخام الملون، كما يوجد بالجانب الأيمن للسلم المؤدى للضريح سلم من أربع درجات يؤدى إلى هيكل الكنيسة.

ويشتمل الهيكل على المذبح وهو من الرخام على شكل مائدة يرتكز على أربعة أعمدة من المرمر الأصفر التى تحمل قبة ضحلة من المرمر الأبيض، وقد استبدل بالحجاب الذى يفصل عادة الهيكل عن مصلى الكنيسة بستائر حريرية معلقة بين عمودين من المرمر الأصفر، ويتصدر الهيكل حنية نصف دائرية زينت جدرانها بزخارف من الفسيفساء المذهبة.

ويكتنف الهيكل من اليمين واليسار مذبحان: الأول تشغله المعمودية والثانى يشغله مذبح شيدته حرم مريت بطرس غالى.

ويتوصل إلى المذبح الأول من خلال رواق مصلى الكنيسة الجنوبى، إذ ينتهى هذا الرواق بسلم يتكون من أربع درجات يتوصل منه إلى المذبح، وقد غشى مدخل المذبح بحجاب من الخشب المطعم بالعاج، وقد فتح به باب معقود بعقد نصف دائرى، ويوجد على يمين مدخل هذا المذبح حنية نصف دائرية تحتله تصويرة جدارية لأحد القديسين، كما يتصدر المذبح حنية نصف دائرية تتوسطها قصعة المعمودية، وهى عبارة عن نصف كرة من الرخام الأبيض تستند إلى أربعة أعمدة من الجرانيت الملون مرتكزة على قاعدة مستديرة من الرخام، وقد غشيت جدران تلك الحنية بمنظر لتعميد السيد المسيح فى نهر الأردن على يد يوحنا المعمدان، كما فتح بالضلعين الشمالى والجنوبى مدخلان، المدخل الشمالى يؤدى إلى سلم يصعد منه إلى سطح الكنيسة، كما فتح بهذا الضلع دخلة معقود بعقد نصف دائرى يؤدى إلى هيكل الكنيسة.

أما المذبح الثانى فيتوصل إليه من خلال رواق مصلى الكنيسة الشمالى، إذ ينتهى هذا الرواق بسلم يتكون من أربع درجات يتوصل منه إلى المذبح، وقد غشى مدخل المذبح بحجاب من الخشب المطعم بالعاج، وقد فتح به باب معقود بعقد نصف دائرى، ويوجد على يسار المدخل حنية نصف دائرية تحتله تصويره جدارية لأحد القديسين، كما يتصدر المذبح حنية نصف دائرية تتوسطها مقصورة وقد غشيت جدران تلك الحنية بمنظر للسيدة العذراء جالسة على كرسى وقد حملت بين يديها السيد المسيح، وقد فتح بالجدار الجنوبى للمذبح مدخل يؤدى إلى سطح الكنيسة، كما فتح بهذا الضلع دخلة معقود بعقد نصف دائرى يؤدى إلى هيكل الكنيسة، كما يوجد بالضلع الشمالى مدخل يؤدى إلى ملحقات الكنيسة خاصة النادى.

وقد شيدت هذا المذبح حرم مريت بطرس غالى تخليداً لذكرى والدتها السيدة إمى هفمان، وقد وضع تصميمه المهندس حنا سميكة فى عام 1947م، وللكنيسة برجان للأجراس مربعة الشكل تنتهى من أعلى بنهاية هرمية يعلو قمتها صليب.

القبر

يؤدى السلم الذى يتصدر الرواق الأوسط من الكنيسة إلى طابق تحت مستوى سطح الأرض يشغل مجموعة من مقابر العائلة البطرسية، إذ يؤدى هذا السلم مباشرة إلى قبر بطرس باشا غالى، والقبر عبارة عن قطعة مستطيلة من الجرانيت المصقول مقاسها 2.5×1.5×1.5 متراً على قاعدة من الرخام الأسود تعلو عن الأرضية بدرجتين وقد نقش على الجدارين الشمالى والجنوبى بالعربية والفرنسية آخر كلمات تلفظ بها بطرس باشا غالى قبل وفاته: (يعلم الله أنى ما أتيت أمراً يضر بلادى).

كما يشتمل هذا الطابق على مجموعة من مقابر العائلة يبلغ عددها حوالى 15 قبراً، وفى الجهة الشمالية من الضريح يوجد تمثال نصفى لبطرس باشا غالى من الحجر.

** نقلا عن المصري اليوم

التعليقات