الأمر خطير فماذا ننتظر؟

أتساءل: هل يمكن فعلاً أن تمرّ مرور الكرام تلك الجريمة البشعة الخاصة بذبح مواطن فى الطريق العام بيد رجل عاطل يدّعى التخلف ويقر بأنه يقيم عليه الحد بيده لأنه استمع إلى أحاديث شيوخ الزوايا بتكفيره كمسيحى وبقتله لانه يبيع الخمر؟.

هل يمكن أن تمر هكذا أيام وراء أيام دون أن تكون تلك الحادثة هى محورا للتصرف السريع والقاطع والباتر والعلنى تجاه فاعل هذه الجريمة والأهم من وراءه، حتى يكون ويكونوا عبرة لمن يريدون استباحة الشارع المصرى ومواطنيه ومواطناته تحت دعاوى تطبيق الحدود وتنفيذ الشرع؟.

هل سنترك المواطنين ــ وأؤكد: المواطنات بصفة خاصة- يعيشون فى هذا الجو القاتم من الخوف والرهبة والذعر وتوقع الاعتداء فى أى مكان وفى أى لحظة، وأن يكون الطعن من الظهر أو الذبح من الرقبة هو الجديد والرهيب فى الشارع المصرى؟.

إذا مرت تلك الجريمة البشعة هكذا مرور الكرام، وإذا ما سارت فى نفس الطريق التقليدى بعد الإحالة لمحكمة الجنايات، وإذا ما طال أمر حبس المتهم وإذا ما تطوع للدفاع عنه ــ باعتباره مجنونا لا تجوز محاسبته ــ محامون تخصصوا فى استخدام كافة وسائل المراوغة التى تتيحها لهم تعقيدات ومراحل قوانين الإجراءات الجنائية، فماذا ننتظر؟.

تحكمنا قوانين مُعّطِله تعّثر تعديلها لسنوات وكأن الاقتراب منها هو المساس بنصوص مقدسة وأصبح الإفلات من العقوبة أو تخفيفها وإطالة أمر المحاكمة حتى ينساها الناس هو الأصل والأساس، أما سرعة إنهاء الإجراءات وإصدار الحكم فهو الحلم البعيد المنال.

فى نفس يوم ذبح هذا الرجل المسالم والبرىء فى مقهى بالطريق العام ومن شهود عيان بالاسكندرية بمنطقة سيدى بشر حيث وقعت الجريمة، تداولت بعض السيدات من هناك على الفيس بوك استغاثات بأن بعضهن قد تعرضن للإيذاء بتهديدات مباشرة من بعض المارة من الرجال لأنهن لا يرتدين الحجاب، ومعها وعيد بإلزامهن قسراً بارتدائه وإلاّ كان مصيرهن الذبح مع إشارة باليد على الرقبة تفيد ذلك.

أخرى كانت تمر بسيارتها من هناك فقام شباب بإيقافها والطرق على جسم السيارة بشدة وتهديد تلك الفتاة بألا تعود لقيادة السيارة بنفسها لأن ذلك لا يجوز إلاّ للرجال حتى لا يكون مصيرها طبقا لإشاراتهم عند الرقبة هو الذبح.

تُرى ماذا ننتظر أفدح من ذلك حتى نسرع بالتحرك؟، من وراء ذلك الرجل الذى قيل إنه مختل نفسيا؟، من أشار له على الضحية ودفعه لذبح هذا الرجل من الخلف؟.. هذه المسألة من أخطر ما جرى فى الشارع المصرى فى الأيام الأخيرة وسيكون لها تبعاتها فى نفس هذا الشارع المنهك إن لم نتخذ حيالها القرار السليم وبسرعة.

التعليقات