«لالا لاند»

إذا أردت أن تسعد نفسك وأن تزيح عن عينيك وعقلك الكثير من آثار ما يحاصرنا الآن من أخبار الحروب والدمار وأن تستعيد بساطة ونقاء وجمال وشاعرية أفلام زمان شاهد هذا الفيلم «لالا لاند» لا تقارنه بغيره، لا تجرى حسابات بينه وبين فيلم صوت الموسيقى ولا فيلم سيدتى الجميلة ولا حتى أبى فوق الشجرة، استدعى فقط تلك الحالة من بهجة الألوان والرقصات والأغنيات التى كانت تأخذنا إلى عوالم سحرية من الجمال والأناقة ورقة المشاعر وقصص الحب الهادئة وتأهل لمتابعة هذا الإبداع الفنى لفيلم «لالا لاند» وشارك فى تقديم التحية لصناع الأفلام الموسيقية فى سنواتها الذهبية فى الأربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضى الذى يصّر هذا الفيلم أن يأتى بها إلينا.

الفيلم إنتاج أمريكى لعام 2016 مخرجه وكاتبه شاب موهوب لم يصل بعد إلى الثانية والثلاثين من عمره، اكتسح بفيلمه جوائز الكرة الذهبية ورشح لسبعة منها وحصل على سته جوائز كبرى كأفضل فيلم وأفضل ممثل وممثلة ومخرج وسيناريو وموسيقى تصويرية وأغنية. هذا المخرج الشاب «داميان تشازل» استطاع أن يقف بفيلمه الثالث وجوائزه الست إلى جوار الكبار «ميلوش فورمان» وفيلمه طار فوق عش المجانين عام 1975، والمخرج «آلن باركر» بفيلمه قطار منتصف الليل عام 1978، وكل منهما كان له السبق فى تحقيق نفس عدد الجوائز. كما حصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم من رابطة المنتجين الأمريكيين منذ يومين وسينافس على العديد من جوائز الأوسكار، أعطى هذا المخرج مثالاً لمعانى المثابرة والإصرار على التفوق رغم عثرات الطريق وهو ما عبرت عنه بطلة الفيلم الممثلة «إيما ستون» وهى تتسلم جائزتها بقولها: إن الأمل هو أثمن الأشياء فى العالم والمُبدع ليس له أن يستسلم مهما أغلقت الأبواب فى وجهه وعليه أن ينهض ويسير قدما دائما.

الفيلم بسيط وهادئ وزاهى الألوان يغمرك بحالة من الدهشة والفرحة وأنت تتابع موسيقاه الحالمة ورقصاته وأغنياته وقصة الحب التى جمعت بين فتاة تحلم أن تكون ممثلة مشهورة وتخوض العديد من الاختبارات التى تفشل فيها لتعود إلى عملها كبائعة فى محل صغير وبين شاب موسيقى وعازف بيانو ومحب لموسيقى الجاز والذى ينتقل من مكان لآخر دون أن تضيف له موهبته الحقيقية الجديد، وبينما تنمو قصة الحب تحدث المعجزة عندما تنجح الفتاة فى اختبار أخير للتمثيل ويجد الشاب لنفسه عملاً دائما ومربحا فى فرقة موسيقية تكسب الشهرة والنجاح يوما بعد يوم، وبينما يتواصل مشوار النجاح لكل منهما تنسحب علاقة الحب تحت ضغط العمل والتزاماته وقيوده، ويذهب كل منهما فى طريق. تحقق الفتاة حلمـها، وتصبح نجمة مشهورة ويمتلك الشاب فرقته الموسيقية الخاصة، ويلتقيا مصادفة هى فى صحبة زوجها وهو مع الوحدة، وبينهما حلم وحب لم يطوه النسيان.

عَبّر الفيلم عن أحداثه ومشاعر أبطاله بالرقص والغناء والألوان والموسيقى بكل سحر السينما وجمالها، استدعى رومانسية زمان ونجح فى ذلك. عزيزى القارئ اذهب لرؤية «لالا لان» انسى الدنيا وريح بالك ولو للحظات.

التعليقات