الاستشفاء من الإدمان الإلكترونى

حتى فى الصين، تلك الدولة التى لا يعرف شعبها سوى العمل والإتقان كخلايا النحل التى لا تهدأ، حتى هناك وصل هذا المرض الجديد الذى واكب نشاط واتساع شبكة الإنترنت وهو الإدمان الإلكترونى، إدمان الإنترنت ومعه لوحظ انفصال الشباب والمراهقين على وجه الخصوص عن التعامل مع أسرهم أو أقاربهم أو حتى أصدقائهم ودخولهم إلى عالم من الوحدة والتوحد مع الذات لدرجة تقرب من المرض، لا حديث لا مشاركة لا رغبة فى الخروج من تلك الدائرة المغلقة التى تجمع بينهم وبين أجهزة الكمبيوتر والآى باد والتليفون المحمول. ولاحظ الآباء والأمهات هناك كيف يسبب هذا الإدمان الجديد من جانب أبنائهم تدهورا ملحوظا فى صحتهم البدنية خاصة أنهم غالبا ما يستعيضون عن الطعام العادى بالوجبات الجاهزة الآتية من خارج المنزل وأن أجسادهم بدأت تتهاوى وتكثر البثور على وجوههم خاصة فئة المراهقين منهم وكان التفكير من جانب المجتمع الصينى فى حل، وجاء هذا الحل فى صورة معسكرات لهؤلاء الشباب أو بمعنى أدق لهؤلاء المراهقين ومعظمهم من طلبة وطالبات المدارس.

إلى تلك المعسكرات يسلم الآباء والأمهات أبناءهم ويتحايلون لتوصيلهم إليها غالبا رغما عنهم، وكلهم رغبة فى إبعادهم عن هذا الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعى والدردشة ومتابعة المواقع الإخبارية ومشاهدة الأفلام الجيد منها والردىء، يقولون فى الصين: إننا نريد إعادة أبنائنا إلى (أرض الواقع) ولا نبغى وجودهم فى هذا العالم الافتراضى.

معسكرات الصين عسكرية الطابع غالبا ما يشرف عليها جنود سابقون وتسرى عليها بعض القواعد العسكرية الخاصة بساعات الاستيقاظ المبكر والأنشطة الرياضية وتناول الطعام فى أوقات محددة وحظر جلب أى أطعمة من الخارج إلى جانب الحظر التام لاستخدام الإنترنت، مدة المعسكر من أربعة إلى ثمانية أشهر وخلالها يحاول الكثيرون الهرب بطرق مبتكرة، ويأتى الآباء والأمهات لزيارة أولادهم ويتلقون دروسا فى كيفية التعامل معهم أثناء وبعد خروجهم من المعسكرات وعودتهم إلى حياتهم الطبيعية.

معسكرات الاستشفاء من الإدمان الإلكترونى تتزايد فى الصين وفى كوريا الجنوبية وفى اليابان وفى أمريكا وقد وصلت إلى الجزائر.

قبل عام 1994 لم يكن مرض الإدمان الإلكترونى موجودا وبدأ مع بداية الألفية الجديدة وتفاقم سنة وراء سنة، وتلك هى الحضارة الحديثة ذات الاكتشافات المبهرة وذلك هو أحد جوانبها المعتمة، وقد وصل إلينا، إلى بيوتنا وشبابنا بل إلى الأطفال فهل سننتبه إلى علاجه؟

التعليقات