«راوية عطية»

-1-

16 مارس هو يوم المرأة المصرية بامتياز، وهو اليوم الذى ناضلت فيه ضد الاحتلال منذ 1919 وقد حصلت على حق الترشح والانتخاب عام 1956، لا تكفى عشرات المجلدات لكتابة سيرة النساء المصريات اللاتى ساهمن فى نهضة وتراث مصر الإنسانى، فمنذ فجر التاريخ المصرى ساهمت المرأة فى إرساء دعائم الحضارة، وحفرت بصماتها المتميزة فى الحياة الثقافية والفكرية، إذ كانت هناك الكاهنات والكاتبات والطبيبات والملكات، وناضلت ضد الحملة الفرنسية والاحتلال الإنجليزى، وخاضت معارك باسلة، وترأست تحرير العديد من المجلات، وأصدرت الكتب والروايات، وخاضت المعارك لتعليم البنات، والحد من تعدد الزوجات وحق المرأة فى العمل، وكانت رائدة فى إنتاج الأفلام والتمثيل والإخراج، وساهمت فى تأسيس النقابات، وشكلت لجان المقاومة الشعبية. وفى السطور القادمة سيرة مختصرة لإحدى العظيمات المصريات فى تاريخنا المعاصر.

(2)

راوية عطية ابنة «طنطا»، تشبعت منذ نشأتها بالروح الوطنية عام 1939، وهى طالبة فى السنة الأولى الثانوى خرجت مع زميلاتها حاملة علم المدرسة، وكان عددهن يفوق ثمانمائة طالبة وتوجهن إلى مدرسة الأميرة فوقية الثانوية (الأورمان حالياً)، وطفن بجميع أنحاء القاهرة، ثم توجهن إلى مدرسة السنية للبنات لتنضم إليهن تلميذاتها، وعندما وصلت المظاهرة إلى شارع قصر العينى بدأ الجنود الهجوم، فأصابت «راوية» شظية، فأسرعت وحملتها «هدى شعراوى»، ووضعتها فى العربة التى أوصلتها إلى مدرستها، فقامت الناظرة بمعاقبة راوية، وعندما حصلت على التوجيهية كان مجموعها يؤهلها للالتحاق بكلية الطب، لكنها فضلت أن تلتحق بكلية الآداب لتدرس تاريخ الثورات، وفى الجامعة انطلقت راوية، وانضمت لجمعية الخدمات الاجتماعية بكليتها وكانت عضواً فى اللجنة التنفيذية العليا للطلبة.

(3)

وهى أول امرأة دخلت مجلس الأمة فى تاريخ مصر والشرق الأوسط عام 1957، وأول ضابطة اتصال بجيش التحرير سنة 1956 برتبة يوزباشى، وكُلفت بتنظيم صفوف المرأة وتدريبها على استعمال كل أنواع السلاح وكل فنون التمريض، ودربت أربعة آلاف مواطنة على حمل السلاح، وأربعة آلاف أخريات على الإسعاف والتمريض.

اعتادت راوية دخول مدينة «بورسعيد» الباسلة فى زى بمبوطية عن طريق مدينة «المنزلة» لمساعدة المقاومة الشعبية، ومدها بالسلاح والمنشورات والأغذية والملابس، وأصيبت برصاصة فى ساقها اليمنى فى أثناء العدوان الثلاثى على مصر 56.

ولم يؤثّر ذلك فى إضعاف عزيمتها، فكانت تتولى تنظيم عملية استقبال مهاجرى بورسعيد الذين فقدوا بيوتهم أثناء العدوان الثلاثى، وعندما أعطى حق الترشح والانتخاب للمرأة المصرية عام 1956، كانت أولى المرشحات فى مجلس الأمة ضمن خمس سيدات فقط، وفازت هى وأمينة شكرى وأصبحتا أول سيدتين فى الحياة النيابية.

(4)

وبعد هزيمة 1967، سافرت إلى جبهة القتال وكونت لجنة المعركة من خمس عشرة سيدة لاستقبال الجنود والضباط المنسحبين من سيناء عبر الصليب الأحمر الدولى، وقامت بعدد لا يحصى من الزيارات إلى جبهة القتال أثناء حرب الاستنزاف، حتى حرب السادس من أكتوبر لرفع معنويات القوات المسلحة فى هذا الوقت، وزارت الجرحى فى مستشفيات بورفؤاد وبورسعيد والقصاصين ومستشفى التل الكبير والإسماعيلية والسويس، ووزعت عليهم الهدايا التى جمعتها من جميع الشركات على مستوى الجمهورية.

عملت راوية عطية فى حقل التدريس خمسة عشر عاماً، وبالصحافة عشر سنوات، وحصلت على ماجستير الصحافة ودبلوم دراسات إسلامية لكنها تركت كل ذلك للتفرغ للسياسة والعمل الاجتماعى.

 

التعليقات