هات شنطة فلوسك!

لو عاوز تاخد أرض، هات شنطة فلوسك وتعال.. هكذا قال الرئيس السيسى، فى مؤتمر استرداد الأراضى، أمس.. ومعناه لا يوجد شىء ببلاش.. ادفع وخد.. هذه هى القاعدة الآن.. لا فتونة ولا بلطجة ولا وضع يد.. وأظن أنها عين حمراء لمَن يضعون أيديهم على الأرض.. ورسالة لكل الفتوات.. بشرط أن توفر الدولة مخططاً عاماً، وخريطة بمساحات الأراضى المطلوب بيعها، أو تخصيصها بحق الانتفاع!

الدكتور وجدى النجدى عنده فكرة عن تقنين الأوضاع.. قال: لا ينبغى أن يكون ذلك بالتمليك، وإنما بحق الانتفاع، بحيث يحمى المنتفع، ويحمى حق الدولة فى الوقت نفسه.. خاصة إذا تبين أن الأرض فيها آثار أو بترول.. بحيث لا يتم الادعاء بأن الدولة انتهكت حرمة المال الخاص.. وأنا أتفق معه فى مسألتين.. الأولى حق الانتفاع، والثانية حق الدولة فى الاستفادة من كنوز الأرض من الآثار والبترول دون مانع!

وأعتقد أن الدولة استردت «هيبتها» داخلياً بعملية حق الشعب.. وقد حدث ذلك فى وقت قياسى، كما قال اللواء محمد عرفان.. مع الاعتراف بأن هناك قصوراً فى بعض المحافظات، وهناك تجاوزات فى محافظات أخرى.. أيضا استردت الدولة «هيبتها» خارجياً فى مواجهة قطر، وأثبتت الأيام أن مصر اشتغلت هذا الملف بصبر وحكمة وإصرار.. وضع خطاً تحت كلمة إصرار.. الآن تم تصنيف قطر «جزيرة الشر»!

وأعود إلى ما قاله الرئيس فى مؤتمر استرداد الأراضى.. فلم يسمح الرئيس حتى بالاستيلاء على المدافن.. وقال: الدفن فى مقبرة مسروقة حرام.. لكن هذا الأمر يستدعى سؤالاً: لماذا تركت الإدارة المحلية المواطنين حتى يسرقوا المدافن؟.. لماذا لم تقدم لهم خريطة يحترمونها؟.. لماذا لم تذهب إليهم قبل البناء، حتى لا تهدم المقابر على جثث البشر.. من حق المواطنين أن يجدوا قطعة أرض «يُدفنون فيها» على الأقل!

والفارق كبير بين هدم أراضٍ مسوّرة للفشخرة، وهدم أراضٍ مثمرة.. والفرق كبير بين مَن يبنى بيتاً أو قصراً، ومَن يبنى مقبرة.. هناك مساحة شاسعة بين الأمرين.. ومع هذا، فى كل الأحوال لا أقر مبدأ الاستيلاء.. أتحدث لماذا لا تسبق الحكومة الناس فى تخطيط الأراضى، وإتاحتها للبشر؟.. فى النهاية الأرض ملك للشعب.. سنزرعها ونبنيها.. المهم أن يتم تخطيطها وتسعيرها، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص فى البيع!

وبالتأكيد لم تكن صيحة الرئيس نوعاً من الانفعال.. وكانت على حق.. وينبغى الاعتراف بهذا، سواء اتفقت أو اختلفت مع الرئيس.. الأمور استفحلت.. الاستيلاء على قرابة مليونى فدان مصيبة.. إنجاز الملف فى وقت قياسى يعنى أننا نستطيع أن نفعل أى شىء بنفس الهمّة، ونفس الحماس.. السؤال: لماذا كنا نحتفظ بالمخالفات فى الأدراج؟.. هل يوجد تواطؤ؟.. أم أن دعم الرئيس كان وراء إنجاز المهمة القومية؟!

وعلى أى حال، فقد استفدنا من هذه الحملة الوطنية.. وسوف يفكر لصوص الأراضى أكثر من مرة.. وسوف يتراجعون عن الاستيلاء عليها، قبل تقنين الأوضاع.. وأتساءل: هل من السهل على أى مواطن الحصول على التراخيص اللازمة؟.. مطلوب تسهيل تقنين الأوضاع، ولو عاوز، هات شنطة فلوسك وتعال!

التعليقات