عودة مجلس عبدالعال!

مرة أخرى يعود البرلمان للانعقاد.. لم نشعر بغيابه، لأننا لم نشعر بوجوده أصلاً.. لم يكن موجوداً فى أى مناسبة.. لم يشعر الشعب أن له نواباً.. فقط عندنا حكومة، ولكن بلا برلمان.. صحيح أن الحكومة تذهب إلى المجلس الموقر وتقدم كشف الحساب، ويقدم رئيس الوزراء بيان الحكومة.. لكنه يذهب بلا خوف من استجواب، وبلا خوف من طلب إحاطة أو سؤال.. وننتقل لجدول الأعمال!

والآن يرجع النواب إلى البرلمان، كما يرجع التلامذة إلى المدارس.. بالمصادفة السنة الدراسية تبدأ فى أكتوبر.. والسنة البرلمانية تبدأ فى أكتوبر أيضاً.. هناك وجه شبه بين النواب والتلاميذ.. هؤلاء لا يحبون المدرسة وهؤلاء لا يحبون المجلس.. هؤلاء يهربون ويقفزون الأسوار.. وهؤلاء يتغيبون فلا يذهبون.. لكنهم فى النهاية يصرفون البدلات، كما ينتقل «التلاميذ» إلى الصف التالى!

غياب النواب بلا حل.. وغياب التلاميذ بلا حل.. يحضر التلاميذ أيام الامتحانات فقط.. ويحضر النواب أيام بيانات الحكومة للموافقة.. فلا أثر للنواب فى كل القرارات الحكومية التى تتخذها.. لا أحد ينتقد ولا يعارض إلا من قبيل إثبات الحضور.. صحيح هناك أغلبية لكنها أغلبية ميكانيكية، تنتظر التوجيهات العليا والفوقية، وتنفذ المطلوب بالحشد والتصويت وتمر القوانين دون «معارضة»!

هناك مشكلات عصيبة مرت على الناس، وكانت المواجهة بين الشعب والحكومة فى غياب البرلمان.. فلم يتدخل فى ملف الأسعار ولا ملف المدارس والرسوم الدراسية، ولا فواتير الكهرباء والغاز، وأخيراً كروت الشحن.. لم يتدخل فى ملف الصحة ولا التعليم.. لم يتدخل فى ملف الإسكان.. لم يشهد استجواباً للحكومة.. فلأى سبب كان هذا المجلس؟.. فلم لا نفض المجلس ونوفر ميزانيته؟!

وللأسف سيعود المجلس كما انفض.. فلا هو سيناقش مشكلة، ولا هو مجلس ينوب عن الشعب، ولكنه «مجلس نواب» يمثل مصالح النواب فقط.. وسيذهب رئيس الوزراء إليه، ويعود كما ذهب.. وسينتقل مجلس عبدالعال لجدول الأعمال.. يتحدث العربية بطريقته.. يدير الجلسات بطريقته.. لم يرسخ مبدأ واحداً.. والقرار الذى انفرد به هو عدم إذاعة الجلسات، كى لا ينكشف «عواره»!

المثير للغرابة والاستفهام معاً أن «عبدالعال» يتعامل مع الأصوات المعارضة المحدودة، على أنها أصوات مأجورة وتتلقى التمويلات.. ولا يستوعب رئيس برلمان مصر أن البرلمانات فيها أغلبية، وفيها معارضة.. يريد لجميع النواب أن يكونوا حكوميين.. فأى برلمان هذا؟.. أين لجان تقصى الحقائق؟.. وأين أدوات البرلمان؟.. من قال له إن البرلمانات جاءت كى «تصفق» للإنجازات فقط؟!

وأخيراً، هل يستعين الدكتور عبدالعال باستطلاعات الرأى العام مثلاً؟.. هل يعرف رأى المواطنين فى البرلمان الذى يترأسه؟.. هل يعرف رأى النواب أنفسهم؟.. كثيرون يحضرون غصباً عنهم.. لا يريدون أن يدخلوا فى مشكلات سياسية.. رئيس البرلمان يهدد المعارضين بالطرد مرة، وبإسقاط العضوية أيضاً!

التعليقات