يعنى إيه تفاجأت؟

ما الذى يعنيه أن د. مايا مرسى، رئيسة المجلس القومى للمرأة، تفاجأت بحضور وزيرة إسرائيلية المؤتمر الذى تتولى مسؤوليته للنهوض بمكانة المرأة، ما معنى أن يأتى الرد الرسمى أن السر وراء تواجد إسرائيل بوفد كامل، أن الأمر كله كان خارجاً عن السيطرة.. هل أمن الدولة لا يُدرك التبعات السياسية والفكرية والثقافية والنفسية لحضور إسرائيل رسمياً فى أى لقاء يتم تحت المظلة المصرية، شاهدنا الترحيب الحار والابتسامة المتبادلة بين مايا والوزيرة الإسرائيلية، التبرير المباشر أن المؤتمر له بعده البحر متوسطى، وهناك جهات أخرى تملك توجيه الدعوة، لا يعفى أبداً من المسؤولية، لم أرتح لعبارة تفاجأت، فهى ألعن وأضل سبيلاً من أن تدعوها مثلاً لأسباب بروتوكولية، بينما نكتشف أن الوزيرة الإسرائيلية لم تكتف بهذا القدر، بل أعلنت وهى فى مصر أن سيناء هى المكان الوحيد الملائم لإقامة دولة فلسطين، الدبلوماسية المصرية احتجت وجاء المبرر بأن الكلام أخذ من سياقه، رغم أنه لم يكن يحتمل سياقاً آخر.
إسرائيل تسعى لكى يُصبح لها دور فى الشأن المصرى، ويعنيها أن تنفذ من شباك الثقافة إذا وجدت أن الأبواب الأخرى مؤصدة، فهى حريصة منذ عقود على التواجد بمهرجان القاهرة السينمائى، أتذكر جيدا قبل عشرين عاما فى أعقاب رحيل سعد الدين وهبة، اعتبروا أن الحاجز الذى يحول دون مشاركتهم قد زال، لأن سعد فى كل دورة كان يحرص من خلال كلمة الافتتاح أن يجدد موقفه ضد التعنت الإسرائيلى، ولهذا فإن حسين فهمى التقط بذكاء الخيط، وأعلن فى أول تصريح له بعد رئاسة المهرجان، أنه لا تواجد لإسرائيل، الأمر لم يكن متعلقاً بسعد وهبة ولكن إرادة جموع المثقفين.
ولم تتوقف المحاولات، ففى عام 2007 أرسلوا لمهرجان القاهرة فيلم (زيارة الفرقة) كنت قد شاهدته فى قسم (نظرة ما) بمهرجان (كان)، والفيلم قائم على واقعة خيالية، يروى أن فرقة من موسيقى الشرطة المصرية تذهب لإسرائيل فى إطار التبادل الثقافى، لتقديم مقطوعات موسيقية هناك، ولكنها تضل الطريق وتذهب لإحدى القرى لنكتشف كم يحبون الموسيقى المصرية، وكم هم أيضا مولعون بكل ما هو مصرى، وبالطبع تم استبعاد الفيلم، والغريب أنهم فى نفس التوقيت، كانوا قد تقدموا به إلى مهرجان (أبوظبى) فى أول دورة له، وجاء أيضا القرار القاطع وهو أنه لا مجال لتواجد إسرائيل فى أى تظاهرة عربية، حتى لو كان الشريط السينمائى متعاطفاً معنا.
قرر السفير الإسرائيلى فى القاهرة قبل أكثر من عام حضور المسرح القومى أثناء عرض (ليلة من ألف ليلة) بطولة يحيى الفخرانى، واختار الذهاب للمسرح يوم 6 أكتوبر وبالطبع لم يكن التاريخ عشوائيا.
من الناحية القانونية لا يجوز أن تمنع أحدا من دخول مسرح مفتوح طالما دفع ثمن التذكرة، ما فعلته إدارة المسرح أنها منعت دخول الحرس الخاص للسفير، لأنهم مدججون بالسلاح، وحرصت أن يبدأ العرض بالسلام الوطنى، وأيضا مدير المسرح ألقى كلمة عن البطولات المصرية فى أكتوبر، ولم يستقبل السفير رسميا.
التعامل مع السفير الإسرائيلى فى المسرح القومى، تميز بالحصافة، وهو ما لم تستطع أن تفعله رئيسة المجلس القومى للمرأة، فى تعاملها مع الوزيرة الإسرائيلية، حتى لو كانت للقيادة السياسية حسابات تفرضها الأحداث، فإن الأمر يختلف مع باقى المنظومة على كافة المستويات فى التعامل مع إسرائيل.
لن تكف إسرائيل عن المحاولة، علينا الحفاظ على سلاحنا الثقافى من الاختراق، حتى لو تدثّـر برداء الدفاع عن حقوق المرأة !!
 
التعليقات