على عتبة المملكة الذهبية!!

كان الزمن كريما معنا، أتحدث عن المرحلة التى تقع بين عامى 1929 ميلاد عبدالحليم و2005 رحيل أحمد زكى، تصل إلى 76 عاما، جمعت بين أربعة بينهم جينات إبداعية مشتركة، وهم طبقا للتدرج العمرى عبدالحليم وصلاح جاهين وسعاد حسنى وأحمد زكى، حليم هو الأسبق للدنيا والرحيل، وزكى كان الأخير فى الحصول على تأشيرتى الدخول والخروج.

سعاد حسنى القاسم المشترك بينهم، الثلاثة أحبوها مع اختلاف النوع والدرجة ووسائل التعبير، رحل الأربعة وهم دون الستين، وكنا ننتظر مزيدا من العطاء، جميعا عانوا من مشاعر اكتئابية، كثيرا ما تصبح ملازمة للعبقريات.

رباعى ذهبى، كل منهم كان يملك شعاعا ووميضا خاصا، عبدالحليم والذى يكبر سعاد بنحو 14 عاما عاصر نجاحها قبل رحيله فى 77، وارتبطا بقصة حب لم تفض إلى زواج، الزمن فنيا لم يوثق بينهما سوى فيلم (البنات والصيف)، بعد أن أبعدها مع سبق الإصرار والإضرار، عن اللقاء الأهم معه فى فيلم (الخطايا) وأسند دورها إلى منافستها فى تلك السنوات نادية لطفى، توقف المشروع العاطفى، فاشتعلت رغبات الانتقام، صلاح جاهين كانت زيارته الأخيرة ليلة رحيله لسعاد حسنى، كما روى لى شريف منير الذى أوصله من بيته لبيتها وعاد إليه، بعد ثلاث ساعات، ليعيده مجددا إلى بيته، سعاد وصلاح نالتهما شائعة الانتحار، أحمد حاول الانتحار بعد أن ضاعت منه بطولة فيلم (الكرنك) أمام سعاد التى أحبها فنيا وإنسانيا، ووقفت أمامه فى آخر أفلامها (الراعى والنساء).

جاهين أحب بطريقته سعاد، كانت هى المنبع والمصب لكلماته، كان عاشقا حتى الثمالة حتى لو لم يبح، صلاح هو السند والحضن والدفء الذى تلجأ إليه سعاد لمقاومة برودة الحياة، تراجعت الدنيا كثيرا بعد غيابه، فقدت سعاد الكثير من وهجها الفنى، كان صلاح يلعب نفس الدور فى حياة أحمد زكى، إلا أن غيابه منح زكى طاقة تحدٍ ليثبت أن رهان صلاح صائبا، بينما مع حليم كان صلاح هو المعبر بالكلمة عن مشاعر حليم للثورة وزعيمها، لقاء حليم وزكى لم يتجاوز حضوره (مدرسة المشاغبين) وسلامه على كل من عادل وسعيد ويونس ونسيانه المرور فى الكواليس على أحمد، ثم استدرك ذلك فى اليوم التالى واحتضنه، توجت العلاقة بينهما بفيلم (حليم) مشروع أحمد زكى أو حلم حياته (المجهض).

كل من الأربعة شكل مرحلة فارقة فى مجال إبداعه، بعد أن وضعته الحياة بعد عملاق سبقه زمنيا.

كان عبدالحليم منوطا به أن يقود ثورة فنية يقفز بها فوق الجدار العالى الذى صنعه عبدالوهاب فى أسلوب الغناء، واستطاعت سعاد حسنى أن تتجاوز برشاقة وعصرية الصورة الذهنية التى رسختها فاتن حمامة لفتاة الأحلام (الفيديت)، وأعلنها أحمد زكى صريحة مدوية، لتتغير ملامح الفتى الأول الذى ألفناه من زمن أنور وجدى وصولا إلى محمود ياسين، أحمد زكى بلونه الأسمر ودرجة غير مسبوقة من التلقائية انتقل إلى منطقة أخرى، صلاح جاهين قدم للشعر أبجدية مغايرة تماما بعد عملاق العامية بيرم التونسى، الأربعة لهم تلاميذ وحواريون ومقلدون ظهروا فى حياتهم ولا نزال حتى الآن نلمح بين الحين والآخر نسخا زائفة تحاول أن تحاكى الأصل، بينما الناس تردد مع المطرب الشعبى محمد طه (ع الأصل دور).

المملكة الذهبية التى يقطنها هؤلاء لا تزال تحوى الكثير من الأسرار، تلك كانت مجرد طرقات خفيفة على الباب، ولم أدلف بعد للعتبة!!.

(عن المصري اليوم)

التعليقات