نيشان وحنان وسؤال خارج المقرر

أجرى المذيع اللبنانى الشهير، نيشان، حوارا مع النجمة (المعتزلة) حنان ترك، وتوصيف معتزلة ووضعها بين قوسين مقصود تماما، فإذا كانت ملامح حنان لا نراها فى أى عمل فنى، منذ 6 سنوات، بعد أن أعلنت مع نيشان أيضا فى برنامجه الرمضانى اعتزالها، فإنها حاليا تسجل أعمالا فنية بصوتها (دوبلاج) وتلك- قطعا- قرينة تؤكد أنها لم تعتزل، وأن الصوت من السهل أن يُصبح مع الزمن صوتا وصورة، ويبقى الحجاب، سواء ارتدته أم اعتزلته موضوعا آخر!

حنان تؤكد أنها لن تعود رغم أنها عادت فعليا، ثم إن لقاءها وصعودها على المسرح، فى ظل تواجد هذا العدد الضخم من الكاميرات والصحف والمواقع الإخبارية- ينفيان عنها تماما تبعات الاعتزال.

أسئلة كثيرة تناولها نيشان فى لقائه معها، كما أنها أشارت مثلا إلى أننى ذكرت على مسؤوليتى قبل أقل من أسبوع، وفى تلك المساحة أنها ستعود للوقوف أمام الكاميرا، بينما تؤكد هى لا عودة، فلا فرق عندى بين عودة صوت واعتزال صورة، فى الحالتين نحن نتعامل مع حرفية فن التمثيل، إلا أن نيشان تجاوز تلك النقطة، أراد أن يحصل منها على سبق، فذهب إلى منطقة شائكة، ماذا لو اكتشفت أن ابنك (مثلىٌّ)؟

السؤال كان صادما وهو كما ترى خارج المقرر تماما، ولا أعتقد أن حنان توقعته، إلا أنها استطاعت القفز بعيدا عن حساسية الموقف، خاصة أنه كان يريد من خلال تكرار السؤال بتنويعات مختلفة أن يحصل منها على تصريح ينتهى بأن تأتى الإجابة (حرية شخصية).

حنان لم تفعل ذلك، بل اعتصمت بالعائلة والتربية، وقالت إن الأسرة تلعب دورا فى تحديد المناخ، وطالما أدت الأسرة دورها بأمانة، لم يعد هناك خوف على الأبناء من أى نوع من أنماط الانحراف.

مؤكد ندوة حنان ترك تستطيع أن تعتبرها على هامش المهرجان، حتى لو كانت الأكثر إثارة، ويظل الملتقى العربى الإعلامى لديه هدف أسمى وأكبر وأهم.

لو طلبت منى أن ألخص الحكاية- أقصد الملتقى فى طبعته رقم 15- فقد امتدت فعالياته 48 ساعة فقط، حيث تعددت عناوين الندوات، وقبل أن تطرح مزيدا من الأسئلة، كان الأمين العام للملتقى الكاتب الصحفى الصديق ماضى خميس، قد اتفق مع المسؤول على ألا تتجاوز زمن الندوة الموعد المتفق عليه غالبا 60 دقيقة فقط لا غير، لتظل الأسئلة فى داخل كل منا، وعليه أن يعثر هو على إجابة، بعد عودته إلى وطنه.

اغلب ما طرح من أسئلة لو تأملته تستطيع أن تقرأ فى العمق هذا السؤال أو تلك المعضلة، إنها الدولة فى صراعها الدائم من أجل إحكام الرقابة، وفى نفس الوقت هى لا تستطيع أن تمنح شرعية للرقابة (إلا إذا)، أقصد وضع غطاء من السكر لتمرير الرقابة ليتم تصدير أن الهدف المعلن هو حماية المجتمع، فى تلك اللحظة تأكد أن من يناصر الرقابة بقوة، ويهتف باسمها، ويدعو لها بطول العمر هو الأسرة، حيث تعودنا جميعا كعرب أن نترك الكرة فى ملعب الدولة، لتتحمل هى المسؤولية فى الإباحة والمنع.

التصنيف العمرى فى العالم الأوروبى مطبق قبل نصف قرن، ويعنى أن العصمة صارت بيد الناس، هم الذين يختارون الصالح لهم، وهم منوط بهم أيضا تمرير هذه الثقافة لأبنائهم، بينما نحن لا نزال ندعو الدولة لتلعب دورها وتختار بدلا منا، وكأننا نلغى مبدأ التصنيف العمرى والذى يعنى فى عمقه الإباحة، مع وضع شروط السن، أعدنا العصمة مجددا ليد الدولة.

الإعلام التقليدى مع انتشار القنوات الفضائية التى وصلت إلى رقم 2000 قناة ناطقة بالع��بية، أكد أن العشوائية بكل تنويعاتها هى المسيطرة فكريا واقتصاديا على الجميع، وهكذا تغلق قنوات وتُدمج أخرى، ويتغير التوجه السياسى لثالثة، وتشترى الدول بعضها، ولا يزال الأمر رغم كل ذلك يقع فى إطار البحث عن قانون، كل ما نراه من مظاهر لا يضمن للمنظومة البقاء، ولا تلمح فيه إلا ما يؤكد أن القانون صار هو عشوائية القانون.

لن تستطيع- قطعا- إحكام الرقابة، مهما فعلت، فهناك بلا شك إعلام موازٍ (السوشيال ميديا) وسائط التواصل الاجتماعى، التى باتت تحقق رواجا، حتى إن هناك أيضا من يراقبها، وخطورة تلك المراقبة تتجسد أنك فى نهاية الأمر لن تستطيع مهما حاولت أن تغلقها، الأهم من كل ذلك أن من يتابعها، ويحاول أن يحدد بالضبط مؤشر توجه الرأى العام الحقيقى لن يستطيع، الناس أقصد قطعا جزءا لا بأس به منهم، لا يعلنون الآن على صفحاتهم كل الحقيقة، نعم الأمر بات محيرا، حتى إن بعض السفارات تراجع (الفيس بوك) قبل السماح بمنح التأشيرة.

الدنيا تغيرت وإغلاق أى مساحة من التعبير صار مستحيلا، ولكن جعل الأمر فى الحدود الدنيا مواربا هو ما نعيشه الآن.

إنهم يبحثون عن تلك المنطقة الآمنة، فهى الهدف الأسمى، فمن الذى يرسم حدودها ويحدد تضاريسها التى تضمن سقفا معقولا من حرية التعبير، وفى نفس الوقت تظل للدولة الهيمنة والكلمة الأخيرة، إنها أسئلة متعددة ستظل تشغلنا حتى يأتى موعد اللقاء الإعلامى العربى بالكويت رقم 16 فى عام 2019، فهل تأتى الإجابة حقا؟!

(عن المصري اليوم )

التعليقات