(حرب كرموز).. ونجحت خطة تدشين أمير كرارة بطلاً شعبياً!!

أمير كرارة واضح جدا كالشمس فى أفكاره وأهدافه، لا يلعب أبدا فى المساحات الرمادية، يتحرك فى الحياة الفنية وهو مدرك تماما أن السينما فى تلك اللحظة ترحب بتواجده كبطل شعبى، ولا يُعقد الأمور، هو فقط يقدم لجمهوره ما ينتظره.

عندما سألونى قبل بداية (ماراثون) أفلام العيد «من يقش الإيرادات؟» ولم أكن قد شاهدت أيًّا منها، قلت واثقا (حرب كرموز). أمير مشروع حقيقى لنجم جماهيرى تحقق بقوة فى هذا الفيلم، لا يضع ورق سوليفان، مباشر جدا فى الاستعانة بالعناصر التى تساعده على تحقيق حلمه.

يلتقط رغبات الناس الذين يتوقون للبحث عن بطل يشبههم، والدولة أيضا لها أهداف وحسابات، فهى تريد أن يُصبح هذا البطل فى صورة ضابط شرطة حتى يستعيد الناس ثقتهم فى رجال الداخلية، وهكذا جاء (سليم الأنصارى)، باشا مصر، كما يطلقون عليه فى «كلبش» بجزءيه 1 و2، وبعد كلمة النهاية فى التليفزيون واستشهاده، يطل عليهم مجددا (باشا مصر) من السينما هذه المرة، وكأنه (كلبش 3)، فهو الجنرال (يوسف المصرى) فى الأربعينيات، منقذ الغلابة، صاحب الموقف الذى يرفض تسليم مصريين مدانين بقتل ضابط بريطانى، لأنه مقتنع أنهم كانوا يدافعون عن شرف فتاة انتهكوا عرضها، كما أنه يرفض تسليم الضابط البريطانى المتهم باغتصاب فتاة وبقتل أحد هؤلاء الشباب، رغم أن الدعارة كانت مقننة من الناحية الشرعية فى تلك السنوات، إلا أنه يتلكأ فى منح التصريح لفتاة الليل، الرسالة مضمرة بأن الضابط يطبق القانون الأخلاقى قبل الوضعى.

فى القسم داخل الحجز الضابط المصرى، فى الجيش الذى يؤدى دوره محمود حميدة مطرود من الخدمة العسكرية، لأنه رفض الاشتراك أثناء الحرب العالمية الثانية ضد الألمان، لأن الإنجليز يحتلون ارضنا، فيصبح فى عُرف القانون العسكرى مذنبا!!.

المخرج بيتر ميمى كاتب السيناريو لجأ للأربعينيات حتى لا يحاسبه أحد سياسياً، وقدم قصة غير واقعية حتى يحمّلها بكل ما يريده.

لعب على قانون التشويق، كنا جميعا ننتظر البطل العالمى المتعطش دوما للفتك بالآخرين، سكوت آدكنز، وهو يلتقى البطل المصرى أمير كرارة، لنتأكد أن المصريين «المصريين أهمه حيوية وعزم وتدين وجدعنة وتسلق مواسير»، وينتصر طبعا على تلك الدبابة البشرية.

فى مثل هذه الأيام فى العيد الماضى ومع فيلم (هروب اضطرارى) كان واضحا أن لدينا نجماً قادماً بقوة من الشاشة الصغيرة للكبيرة، أحمد السقا يتصدر المشهد وأمير لديه مساحته فى الأحداث، هذه المرة جاء السقا فى المشهد الأخير ضيف شرف فى دور القاضى العسكرى الذى يحكم عليه طبقا للقانون بالقتل رميا بالرصاص، ولكن القاضى الوطنى يمنحه شهادة مزورة لإنسان جديد سينتحل شخصيته.

من الشخصيات الدرامية التى يضعها فى الحجز (عصفور)، اللص سريع الحركة، التى أداها مصطفى خاطر باقتدار، مصطفى هو الكوميديان القادم بقوة للصدارة، لو امتلك العقل الذى يدير موهبته فهو يقدم الكوميديا الهادئة الدافئة التى ترشق فى القلب، رغم أن المونتاج كان فى كثير من الأحيان يكشف أن الدوبلير هو الذى يكمل العملية ويتسلق المواسير، محمود حميدة، أستاذ قدير راسخ فى مساحته الدرامية، يجيد التعامل بحرفية مع الواقع، وهكذا يلتقط الدور الصغير ليمنحه عمقاً وألقاً وحضوراً.. غادة عبد الرازق قدمت دور فتاة الليل بكل (الكليشيهات) المتعارف عليها، فقط أضافت لمحة من خفة الظل، فنجحت الشخصية.

وتبقى تساؤلات الضابط فى الجيش هو الذى أنقذ الشرطى، عندما أطلق رصاصة على حبل المشنقة والاثنان تمردا على الأحكام العسكرية، لا يمكن أن تلجأ للتاريخ إلا إذا كانت لديك وجهة نظر وليس مجرد قصة للتسلية، فهل تلك رسائل مضمرة أم أنها مجرد لمحات عابرة لم يقصدها المخرج؟.. أتصورها عابرة.

(حرب كرموز) فى مجمله جيد الصنع، حقق الهدف وهو تدشين أمير كرارة بطلا جماهيريا ينضم لقائمة تشمل من جانات السينما طبقا للأسبقية الزمنية (السقا وكريم وعز ورمضان).. والسؤال: من الأول؟! لا يجيب عنه سوى الناس.

التعليقات